في قلب حي الحسنية بالدار البيضاء، كان فتى صغير يحمل حلما كبيرا، يدعى حسام الصادق. بين الأزقة الضيقة والملاعب الترابية، بدأ يمارس كرة القدم بشغف، مستعينا بالإرادة والعزيمة أكثر من الإمكانيات. المدرب ميلود، الذي اكتشف عدة مواهب صاعدة، لاحظ موهبة حسام منذ البداية وشجعها على النمو والتطور.
لم تكن حياته سهلة، فقد فقد والده وهو في سن صغيرة، وكافحت والدته بمفردها من أجل تربيته ورعايته بشكل جيد، والوقوف أمام كل صعوبات الحياة اليومية. ومع التحاقه بأكاديمية محمد السادس، واجه اختبارا صحيا صعبا عندما اكتشف الأطباء إصابته بفقر الدم الحاد. هذا المرض كاد أن يوقف مسيرته الرياضية، إلا أن العلاج المكثف والمتابعة الدقيقة أعادت له الأمل ومنحته فرصة لإثبات ذاته.
صفات حسام القيادية ظهرت منذ صغره، ووصفه المدرب طارق خزري بأنه لاعب استثنائي يتمتع بالكاريزما والروح الرياضية، ويشبه القادة في كرة القدم العالمية. مع اتحاد تواركة، برز كعنصر أساسي رغم صغر سنه، وأصبح حضوره في الملعب ضرورة لنجاح الفريق، حيث كان غيابه يترك فراغا واضحا في التشكيلة والروح المعنوية.
على المستوى الدولي، بدأ حسام من موقع الاحتياط مع المنتخب الوطني المحلي في بطولة الشان، لكن ثقته بنفسه وأداؤه اللافت أكسباه ثقة المدرب طارق السكتيوي، مما أظهر أن لديه قدرات قيادية نادرة بين زملائه، وأكد أن عمره لا يمنع من التألق والمساهمة بشكل فعال في الإنجازات.
قبل أن يسطع نجمه عالميا، قاد حسام منتخب أقل من 20 سنة إلى نهائي بطولة أمم أفريقيا للشباب في مصر، وأظهر أداء مميزا رغم خسارة المباراة أمام جنوب أفريقيا. ثم جاء التحدي الأكبر في كأس العالم للشباب بالشيلي، حيث واجه الإصابة قبل أيام قليلة من البطولة، لكنه لم يسمح لأي عائق أن يوقفه. بروحه القيادية وتنظيمه للملعب، رفع معنويات زملائه وساهم في الفوز التاريخي على الأرجنتين، مانحا المغرب أول لقب عالمي في هذه البطولة.
قصة حسام الصادق تتجاوز حدود الرياضة، فهي رحلة شاب حول اليتم والمرض والصعوبات إلى قوة دافعة نحو المجد. من شوارع الحسنية إلى الملاعب العالمية، يثبت أن العمل الجاد والإرادة والثقة بالنفس قادرون على تحويل الأحلام إلى واقع ملموس، وأن الشجاعة والإصرار هما مفتاح كل إنجاز عظيم.
1
2
3