تعد نادية كوندا واحدة من أبرز الممثلات المغربيات اللواتي تركن بصمة واضحة في عالم السينما، إذ استطاعت عبر مسارها الفني الطويل أن تجمع بين الأداء المتميز والمشاركة الفاعلة في مهرجانات وطنية ودولية، ما أكسبها شهرة على المستويين المحلي والعالمي. وقد عرف عن كوندا اهتمامها بالأعمال التي تحمل رسائل فنية وإنسانية عميقة، مما جعلها صوتا للفنانة المغربية التي تعكس هموم المجتمع والقضايا النسائية في أعمالها.
أكدت كوندا في تصريحات صحفية أن عملها في لجان تحكيم المهرجانات يضيف قيمة كبيرة لتجربتها المهنية، لأنه يمنحها الفرصة للتفاعل مع الأعمال السينمائية بشكل مباشر وملاحظة أدق التفاصيل فيها، ما يوسع آفاقها الفنية. وأشارت إلى أن هذه التجارب تمنحها نظرة شاملة حول التحولات التي تشهدها السينما المغربية والعالمية، وتثري خبراتها المهنية بصورة مستمرة، ما يعكس حرصها على متابعة تطور صناعة الأفلام.
وفيما يخص غيابها عن الدراما التلفزيونية، أوضحت كوندا أن الإيقاع السريع للإنتاج التلفزيوني يجعل التوفيق بين السينما والتلفزيون صعبا، لأنها تفضل الاستغراق في دراسة الشخصية السينمائية بعمق قبل تقديمها على الشاشة. وأوضحت أن العمل السينمائي يمنحها فرصة لإبراز التفاصيل الإنسانية لكل شخصية وإضفاء لمسة فنية متميزة، وهو ما يصعب تحقيقه في الإنتاج التلفزيوني السريع.
تؤكد كوندا أن معايير اختيارها للأدوار دقيقة للغاية، فهي لا تقبل بأي مشروع إلا بعد تقييم النص وفحص مدى جودته الفنية والرسائل التي يحملها، وتطرح على نفسها أسئلة جوهرية مثل: هل تستحق هذه القصة أن تروى؟ وهل ستثري هذه الشخصية تجربتي الفنية؟ وهل سيكون العمل مؤثرا وذا قيمة لدى الجمهور؟ ويعكس هذا النهج حرصها على تقديم أعمال متقنة ومؤثرة.
وعن أزمة السيناريو في السينما والدراما المغربية، ترى كوندا أن المشكلة تتجاوز المحتوى إلى أسلوب العمل نفسه، حيث غالبا لا يمنح الكتاب الوقت الكافي لتطوير نصوصهم بالشكل المطلوب. ومن هذا المنطلق، تقترح تكوين فرق كتابة جماعية تضم عدة كتاب لضمان جودة النصوص والارتقاء بالمستوى الفني للأعمال، ما يساهم في تعزيز الإبداع ويعكس التجربة السينمائية بصدق.
تركز كوندا على تجسيد الشخصيات التي تعكس واقع المرأة المغربية وما تواجهه اجتماعيا ونفسيا، معتبرة أن هذه الأدوار تمسها أولا كإنسانة قبل أن تمسها كممثلة. وتضيف أن الأعمال التي تحمل طابعا إنسانيا مغربيا تمنحها مساحة للتعبير عن هموم المجتمع وقضاياه الحقيقية، ما يضفي قيمة إضافية لأدائها ويجعلها قريبة من المشاهدين بشكل أكبر.
وعن اهتمامها بالإخراج مستقبلا، أوضحت كوندا أن الباب مفتوح لذلك لكنها ترى أن الوقت الحالي لا يسمح لها بالتوفيق بين التمثيل والكتابة والإخراج معا، لأنها تتطلب تركيزا وجهدا كبيرين. وأكدت أن التجربة السينمائية تتيح لها باستمرار اكتساب مهارات جديدة، كما تأمل في توسيع نشاطها الفني مستقبلا. ويواصل فيلمها الجديد “النمل” جولاته في المهرجانات الدولية، وكان آخرها المهرجان الدولي للفيلم في بروكسيل حيث نالت جائزة أفضل ممثلة.
ويستعرض الفيلم موضوع الهجرة غير النظامية من منظور إنساني عبر متابعة حياة مجموعة من المهاجرين الأفارقة في المغرب، مسلطا الضوء على صراعاتهم اليومية وأحلامهم، وقد صور الفيلم في مدينة طنجة واستمر لمدة 90 دقيقة.
1
2
3