في مسارها الفني الذي يمتد بين التمثيل وكتابة السيناريو، استطاعت نورة الصقلي أن تخلق لنفسها مكانة متميزة ضمن المشهد الدرامي المغربي، مستندة إلى رؤية إنسانية تسعى من خلالها إلى ملامسة نبض الحياة اليومية. فهي لا تكتفي بسرد الأحداث، بل تغوص في تفاصيلها الدقيقة، حيث تضع على عاتقها مسؤولية ترجمة أصوات المجتمع إلى مشاهد درامية تعبر عن الواقع دون تزييف أو مبالغة.
ويأتي هذا الالتزام نتيجة وعيها العميق بالدور الذي يمكن أن تلعبه الدراما في تشكيل وعي الجمهور، إذ تحرص عبر نصوصها على استحضار هموم المواطن المغربي بمختلف طبقاته، وذلك عبر طرح قضايا اجتماعية مؤثرة تلامس الوجدان وتحفز التفكير. ومن خلال هذا المنظور، تنجح أعمالها في جذب انتباه المشاهدين وتحقيق نسب متابعة عالية، بفضل تناولها لموضوعات ذات أبعاد إنسانية ومعيشية واقعية.
وبالحديث عن مسلسل “دار النساء”، أعربت نورة الصقلي عن رغبتها في مواصلة استكشاف تفاصيل هذا المشروع الذي اعتبرته قابلا للتطور والتوسع. فالنص، بحسب تعبيرها، لا يزال يزخر بالخطوط السردية المفتوحة والشخصيات الغنية بالتناقضات، مما يتيح إمكانية معالجة قضايا جديدة لم تحظ بعد بحيز كاف من التناول الدرامي.
ومن خلال هذا العمل، استطاعت الصقلي أن تلامس محظورات اجتماعية طالما ظلت غائبة عن السرد التلفزيوني، حيث ناقشت موضوعات حساسة كالعنف الجنسي، وتفكك العلاقات الأسرية، وزواج الفاتحة، وكذلك آثار التكنولوجيا الحديثة على الحياة العائلية. وقد شكل هذا الطرح الجريء خطوة جادة نحو تعميق النقاش المجتمعي، مع محاولة إثارة التفكير النقدي حول مفاهيم راسخة تحتاج إلى مراجعة.
كما سلطت نورة الضوء على أهمية انخراط النساء في كتابة السيناريوهات التلفزيونية، معتبرة أن هذا الحضور أضفى على الدراما المغربية طابعا جديدا أكثر واقعية وقربا من تفاصيل الحياة اليومية للمرأة. فبحكم تجاربهن الشخصية، تتمكن الكاتبات من تناول قضايا النساء بصدق عاطفي ونفسي يعكس واقعهن دون تجميل أو تبسيط.
وترى نورة الصقلي أن تجربة الكتابة شكلت لها أداة لاكتشاف المجتمع من زوايا جديدة، حيث أتاحت لها فرصة التفاعل مع تحولات الواقع المغربي بطريقة نقدية وواعية. فمن خلال اشتغالها على النصوص، تسعى إلى بناء شخصيات تعكس تحولات الزمن، وتطرح تساؤلات حول القيم والأدوار داخل الأسرة والمجتمع.
وفي كل ما تكتبه، تضع نورة الصقلي نصب عينيها هدفا واضحا يتمثل في تمكين الصوت النسائي من التعبير بحرية وعمق عن معاناته وتطلعاته، معتبرة أن للفن دورا أساسيا في تفكيك الصور النمطية وإعادة تشكيل الوعي الجمعي، خاصة حين يتعلق الأمر بالمرأة في المجتمع المغربي.
1
2
3