هشام الجباري يؤكد أن السينما المغربية تثبت جدارتها بالإنتاج الذاتي وتحتاج إلى رؤية دعم منصفة

يعد هشام الجباري واحدا من أبرز الأسماء التي صنعت بصمة متميزة في المشهد السينمائي المغربي خلال السنوات الأخيرة، حيث راكم تجربة غنية في مجالات الإخراج والكتابة والإنتاج، واستطاع أن يزاوج بين الجانب الإبداعي والتقني في أعماله، مما جعله يحظى بثقة الجمهور والنقاد على حد سواء. وقد أسس الجباري لمسار مهني ناجح امتد من الشاشة الصغيرة إلى القاعات السينمائية، مجسدا رؤية فنية ترتكز على المزج بين الترفيه والعمق الاجتماعي.
وقد كشف الجباري أن سنة 2024 شهدت إنجازا نوعيا للسينما الوطنية، بعدما تمكن من تحقيق حضور مزدوج في قائمة أكثر الأعمال مشاهدة داخل القاعات المغربية من خلال فيلميه “أنا ماشي أنا” و”حادة وكريمو”. وأكد أن هذا الإقبال اللافت يعكس تطور الذوق العام للجمهور المحلي، وتعلقه بإنتاجات تعكس واقعه الثقافي والاجتماعي بلغة سينمائية قريبة منه.
وأشار إلى أن فيلم “أنا ماشي أنا” جاء في صدارة الترتيب من حيث عدد التذاكر والإيرادات، بعدما فاق مداخيله 13 مليون درهم، وبيع أكثر من 244 ألف تذكرة. كما أوضح أن هذا الرقم يهم فقط العروض التي تمت خلال العام الحالي، علما أن الفيلم عرض لأول مرة سنة 2023، مما يعني أن حصيلته الإجمالية تفوق بكثير ما هو معلن حاليا.
وأضاف أن نجاح الفيلم يعود إلى كونه عمل يجمع بين الطابع الكوميدي والبعد الفني، ويعتمد على كتابة محكمة وإخراج يحترم ذكاء المتلقي، دون اللجوء إلى أساليب سطحية أو مبتذلة. وأكد أن الفيلم استقبل بحفاوة في الداخل والخارج، بعد عرضه في مصر بصيغة مدبلجة باللهجة المصرية، مشيرا إلى أن هذا التوزيع الخارجي يعد خطوة جريئة تفتح آفاقا جديدة أمام السينما المغربية.
أما فيما يتعلق بفيلم “حادة وكريمو”، فقد كشف أنه انطلق في القاعات المغربية منتصف شهر نونبر، مما يجعل الأرقام الخاصة به محدودة زمنيا ضمن شهري نونبر ودجنبر فقط. ورغم ذلك، تمكن العمل من حجز مكانه ضمن قائمة أكثر الأفلام إقبالا، بمداخيل تجاوزت 4 ملايين درهم، وبيع ما يزيد عن 76 ألف تذكرة، مع استمرار عرضه في عدد من القاعات إلى حدود اليوم.
وفي تحليله للوضع الإنتاجي، أوضح الجباري أن ستة من بين سبعة أفلام التي تصدرت شباك التذاكر المغربي هذا العام تم إنتاجها بتمويل ذاتي، وهو ما يظهر حجم الرهان الذي يخوضه المنتج المغربي لإثبات أن السينما المحلية قادرة على تحقيق العائد المادي والجماهيري دون الاتكال الكلي على الدعم المؤسساتي. وأضاف أن هذا الواقع يعكس وعي المنتجين بضرورة تقديم محتوى يجذب الجمهور ويحاكي انشغالاته بأسلوب مشوق.
كما أشار إلى أن هذه الأعمال، وإن لم تحقق أرباحا ضخمة، فإنها على الأقل نجحت في استرجاع كلفة إنتاجها، وهو أمر نادر في السياق العربي. وعبر عن أسفه لكون المركز السينمائي المغربي لم يساهم في دعم سوى عمل واحد من بين تلك الأفلام السبعة، وهو ما يدفع إلى التساؤل حول آليات توزيع الدعم، ومدى ارتباطها بمردودية الأعمال أو قدرتها على استقطاب الجمهور.
ودعا الجباري إلى إعادة هيكلة آلية الدعم السينمائي، من خلال تخصيص حصة منه للأفلام التي تظهر قدرة فعلية على خلق تفاعل جماهيري، مؤكدا أن تشجيع هذا النوع من الإنتاجات لا يخدم فقط الصناعة الفنية بل يعزز الاقتصاد الثقافي في المغرب. كما شدد على أهمية تنويع الاختيارات بين أفلام فنية تخاطب المهرجانات الدولية، وأخرى موجهة للجمهور العريض، دون أن يعني ذلك التنازل عن الجودة أو الرسالة الفنية.
وأكد أيضا أن الأفلام، سواء تم تمويلها ذاتيا أو عبر الدعم العمومي، ينبغي أن تلتزم بمعايير فنية محترفة على مستوى السيناريو، الإخراج، التمثيل، وحتى التصميم البصري للملصقات. لأن كل عمل سينمائي مغربي يعرض في الخارج يمثل صورة المغرب، سواء في المهرجانات العالمية، أو في القاعات الدولية، أو عبر الشاشات الجوية.
وفي سياق متصل، وجه الجباري نداء إلى المستثمرين والفاعلين الاقتصاديين من أجل المساهمة في تطوير البنية التحتية للعرض السينمائي، مؤكدا أن الأرقام الرسمية المتداولة تظهر أن فقط 5% من الجمهور المغربي يزور القاعات، مما يعني وجود مجال واسع للنمو في حال تم تعزيز جهود الترويج والتوزيع. وخلص إلى أن السينما المغربية، إذا ما حظيت بالاهتمام والدعم المطلوب، يمكن أن تتحول إلى قطاع استثماري واعد ومصدر دخل مهم للاقتصاد الوطني.

1

2

3

هشام الجباري يؤكد أن السينما المغربية تثبت جدارتها بالإنتاج الذاتي وتحتاج إلى رؤية دعم منصفة