يسري المراكشي يسلط الضوء على العنف ضد الرجال من خلال مشهد صفعة سحر الصديقي
في إطار الأعمال الرمضانية لهذا العام، جاء مسلسل “جرح قديم” ليطرح قضايا اجتماعية عديدة تلامس الواقع المغربي، من بينها قضية العنف ضد الرجال التي تم تناولها بشكل غير تقليدي. فقد اختار السيناريست أن يقدم صورة عن رجل ضعيف يعاني من قسوة زوجته التي تستغله وتتعامل معه بعنف نفسي وجسدي. هذه القضية أثارت اهتمام المشاهدين وفتحت المجال للنقاش حول مواضيع قد تكون مغفلة في المجتمع.
القضية المحورية في المسلسل تتمثل في شخصية إيمان التي تؤدي دورها الممثلة سحر الصديقي، حيث تجسد دور امرأة عنيفة تجاه زوجها الذي يبدو في حالة من الضعف الشديد. في إحدى اللحظات الحاسمة، نشاهد إيمان وهي تضرب زوجها في مشهد مؤلم يعكس الواقع المرير لعدد من الرجال الذين يعيشون في بيئة زوجية مليئة بالعنف. ذلك المشهد الذي أصبح حديث الساعة كشف عن جانب مظلم في الحياة الزوجية لأشخاص قد لا تظهر معاناتهم للعيان.
السيناريو لم يقتصر فقط على مشهد ضرب زوج إيمان، بل تناول أيضًا الاعتداءات اللفظية التي يتعرض لها طوال أحداث المسلسل. هذا التصوير الواقعي للعنف النفسي والجسدي يطرح سؤالاً مهماً عن مدى قدرة الأعمال الدرامية على عكس الواقع الاجتماعي بطريقة مؤثرة. ففي المسلسل، يواصل الزوج المعاناة أمام تصرفات زوجته التي تتسلط عليه وتستغل ضعفه في كثير من المواقف.
من خلال هذا العمل، يسلط “جرح قديم” الضوء على مشكلة اجتماعية خطيرة، وهي العنف الزوجي ضد الرجال، وهو ما يعد موضوعًا نادرًا ما يتم التطرق إليه في الدراما المغربية. وأظهر البحث الذي أجرته المندوبية السامية للتخطيط عام 2019 أن العنف ضد الرجال ليس مقتصرًا على الاعتداءات الجسدية، بل يشمل العنف النفسي أيضًا. التقرير بين أن أكثر من أربعة رجال من أصل عشرة تعرضوا لنوع من العنف خلال فترة 12 شهرًا، ما يجعل هذه الظاهرة أكثر تعقيدًا واحتياجًا للتوعية.
تشير نتائج البحث إلى أن العنف النفسي كان الأكثر شيوعًا بين الرجال، فيما يظل الفضاء الزوجي هو المكان الأكثر تواجدًا للعنف بمختلف أشكاله. تضمن البحث أيضًا أن هناك أكثر من 3 في المائة من الرجال الذين تعرضوا للاعتداءات الجنسية في مرحلة الطفولة، غالبًا ما تكون من قبل الغرباء أو الجيران، ما يزيد من عمق المشكلة ويكشف عن حقيقة صادمة قد لا يدركها الكثيرون.
من خلال هذه الصورة القاتمة التي يرسمها المسلسل، تتضح أهمية تسليط الضوء على القضايا غير المرئية في المجتمع، مثل العنف ضد الرجال في البيئة الزوجية. فقد أصبح من الضروري أن يتم مناقشة هذه المواضيع بشكل جاد وواقعي في وسائل الإعلام، بهدف رفع الوعي الاجتماعي وحث المسؤولين على اتخاذ خطوات عملية لمواجهة هذا النوع من العنف، الذي غالبًا ما يكون محاطًا بالسرية والخجل.
مسلسل “جرح قديم” من خلال مشهده المثير، يقدم مادة درامية قوية تمس واقعًا اجتماعيًا يحتاج إلى تسليط الضوء عليه. كما يظهر أن الأعمال الفنية يمكن أن تكون وسيلة فعالة لتحفيز النقاشات حول القضايا الاجتماعية الشائكة التي تمس المجتمع المغربي، سواء كان ذلك عبر تطرقه لموضوع العنف النفسي أو الجسدي أو حتى الاعتداءات الجنسية.
1
2
3