أحدثت الفنانة الأمازيغية فاطمة تابعمرانت موجة واسعة من التفاعل بعد أن نشرت تدوينة أثارت نقاشا حادا في الأوساط الفنية والثقافية، حيث توجهت إلى جمهورها بنداء مباشر تطالب فيه بعدم إزالة أعمالها الغنائية بعد وفاتها. عبرت الفنانة من خلال كلماتها عن رغبة واضحة في أن تظل أغانيها حاضرة في الذاكرة الجماعية، معتبرة أن ما قدمته من فن تتحمل مسؤوليته الكاملة دون تراجع أو تبرير.
وجاء في رسالتها المثيرة أن حذف إنتاجها الفني بعد موتها سيكون بمثابة خيانة لقيمتها الإبداعية، بل ذهبت أبعد من ذلك حين أعلنت أنها لا تسامح من يقدم على هذه الخطوة لا في الدنيا ولا في الآخرة، مؤكدة أنها واعية بكل ما قد يحسب عليها من خطايا فنية وأنها مستعدة للوقوف أمام الله وهي تدافع عن اختياراتها. هذه العبارات الجريئة حملت في طياتها الكثير من المعاني، بين الإصرار على الدفاع عن الذات والإيمان العميق بحرية التعبير الفني.
وسرعان ما انتشرت هذه التدوينة على مختلف منصات التواصل الاجتماعي، فتداولها المتابعون بكثافة وتناقلها النشطاء مصحوبة بآراء متباينة بين من تفهم موقف الفنانة ورأى فيه شجاعة وصدقا، وبين من انتقد أسلوبها معتبرا أنه يحمل نبرة تهديد لا تليق بالسياق. ومع ذلك، فإن الغالبية اتفقت على أن ما قالته تابعمرانت يعكس تمسكا قويا بهويتها الفنية واختيارها أن تكون صوتا مستقلا لا يرضي الجميع، لكنه صادق مع الذات.
واعتبر البعض أن الفنانة تجاوزت المفهوم التقليدي للوصية، فبدل أن توصي بحذف أو تنقيح ما خلفته من أعمال، أوصت ببقائه كما هو، وكأنها تقاوم فكرة الرقابة بعد الموت، وترفض أن يعاد تشكيل ذاكرتها الفنية حسب أهواء الآخرين. وقد رأى آخرون في هذا الموقف دعوة ضمنية لاحترام ما يقدمه الفنانون من إنتاجات دون اجتزاء أو محو، حتى وإن كانت مثيرة للجدل أو خارجة عن المألوف.
أما المتابعون من الأوساط الأمازيغية، فقد رأوا في تدوينتها رسالة رمزية تتجاوز حدود الفن، لأنها تجسد ارتباط الفنانة العميق بثقافتها وهويتها، وهو ما يفسر دفاعها القوي عن أغانيها باعتبارها وثائق حية ترصد مراحل فكرية واجتماعية مرت بها. لقد عبرت بذلك عن قناعة بأن الفن لا يمحى بالموت، بل يظل شاهدا على التجربة التي عاشها صاحبه، بكل تناقضاتها وجرأتها.
1
2
3