تعد أمل الأطرش من الوجوه البارزة في الساحة الفنية المغربية، إذ راكمت عبر السنوات تجربة غنية ومتنوعة، جمعت فيها بين الأداء التلفزيوني والعمل المسرحي. واشتهرت بأدوارها التي تميزت بالصدق والبساطة، ما جعلها تحظى بمحبة الجمهور وتقديره. وقد شكل غيابها عن الساحة الفنية مؤخرا مادة للتكهنات، وهو ما دفعها إلى توضيح الحقائق ووضع النقاط على الحروف.
في حوار صحفي مطول، فتحت الفنانة أمل الأطرش قلبها للحديث عن حيثيات ابتعادها عن الأضواء، نافية بشكل حاسم ما تم تداوله حول قرارها باعتزال التمثيل. وأوضحت أن الابتعاد لم يكن نتيجة موقف نهائي، بل جاء نتيجة تداخل مجموعة من المعطيات الشخصية والمهنية، مشيرة إلى أن هذا الغياب لم يكن إلا مرحلة مؤقتة فرضتها ظروفها الخاصة دون أن يغيب عنها الشغف بالفن.
وأضافت الأطرش أنها انتقلت مؤخرا للإقامة بمدينة طنجة، وهو ما ساهم في تقليص فرص تواجدها داخل الدوائر الفنية النشطة. لكنها شددت على أن هذا التغيير الجغرافي ليس السبب الأوحد وراء قلة ظهورها، بل هناك اختيارات واعية بالتريث، في انتظار مشروع ينسجم مع قناعاتها الفنية. وأكدت أنها لا تزال تحتفظ بنفس الحماس والرغبة في العودة، ولكن بشرط أن تكون العودة ذات مضمون قوي.
وتحدثت أمل الأطرش عن تصوراتها للمرحلة القادمة، معتبرة أن أي عمل مقبل يجب أن يحمل طابعا مميزا وبصمة خاصة، لا مجرد تكرار لما سبق. وأشارت إلى أنها تبحث عن أدوار ذات عمق إنساني وطرح فني راق، قادر على إعادة تشكيل حضورها في ذاكرة المتابعين. كما عبرت عن امتنانها للجمهور الذي بقي وفيا لها رغم الغياب، معتبرة دعمه دافعا للاستمرار والتجدد.
وسلطت الضوء أيضا على تجربتها الأخيرة في الفيلم السينمائي “دالاس”، الذي شاركت فيه إلى جانب الفنان عزيز داداس، واعتبرته محطة مهمة في مسارها. وأكدت أن أجواء التصوير كانت مثمرة، وأن تعاملها مع المخرج علي مجبود ساهم في إثراء تجربتها على المستويين الفني والشخصي. كما عبرت عن فخرها بالنجاح الذي لقيه العمل عند عرضه في القاعات.
ومن بين الأسماء التي شكلت بصمة في مسارها، خصت أمل الأطرش بالذكر المخرج الراحل الطيب الصديقي، الذي وصفته بالأب الروحي والمعلم الأول. وأوضحت أن الاشتغال إلى جانبه كان بمثابة دخول إلى مدرسة الحياة الفنية، حيث تعلمت منه ليس فقط تقنيات الأداء، بل أيضا أخلاقيات العمل الفني، من التزام واحتراف واحترام للمشاهد.
كما أشارت إلى أن العمل المسرحي الذي جمعها بالطيب الصديقي ساهم في صقل موهبتها، ومكنها من التمرس في التعامل مع تفاصيل الأدوار ومعالجة النصوص بوعي ومسؤولية. وقالت إن تلك المرحلة كانت لحظة تحول حقيقية في مسارها، حيث اكتشفت أهمية أن يكون الفنان واعيا بكل قرار يتخذه على خشبة المسرح أو أمام الكاميرا.
وفي ختام حديثها، أوضحت الأطرش أنها تعمل في صمت على دراسة عروض جديدة، متمنية أن تجد الدور الذي يمنحها المساحة للتعبير عن رؤيتها الفنية ويضيف لحضورها قيمة إضافية. وأكدت أنها تتابع باهتمام الحركة الفنية في المغرب، وتسعى إلى العودة في الوقت المناسب من خلال عمل يكون امتدادا صادقا لما قدمته، ويعيد وصل الخيط بينها وبين جمهورها الوفي.
1
2
3