حقق المسلسل المغربي “رحمة” نجاحًا كبيرًا في الأوساط المحلية والعربية بعد عرضه، حيث لاقى إعجابًا واسعًا بسبب الموضوع الاجتماعي المهم الذي تناوله. يتناول العمل قصة امرأة تواجه تحديات كبيرة في حياتها بسبب زوج منحرف نرجسي. شخصية منى فتو التي جسدت دور الزوجة، تعيش حالة نفسية وجسدية قاسية بسبب معاملة زوجها لها. ما يزيد الوضع تعقيدًا هو رفضه الكامل لطفلهما الذي يعاني من إعاقة، وهو ما يعكس معاناة العديد من الأسر التي تتعامل مع مشاكل اجتماعية مماثلة.
تقول منى فتو إن التصوير في مسلسل “رحمة” كان تجربة عاطفية مكثفة بالنسبة لها، حيث تأثرت بشكل كبير ببعض المشاهد التي كانت تتطلب منها عمقًا كبيرًا في الأداء. فقد كان مشهد الضرب من قبل زوجها “داود” صادمًا لها بشكل خاص، إذ كان يعكس صراع الشخصية مع الخوف والألم الداخلي. إضافة إلى ذلك، يبرز مشهد خروجها من السجن ومواجهتها للحياة من جديد كأحد اللحظات المؤثرة التي تحمل في طياتها الكثير من التحديات النفسية والجسدية التي مرت بها الشخصية.
في نفس السياق، كان مشهد الوقوف في “الموقف” والبحث عن عمل لأول مرة بمثابة تحدي حقيقي للمرأة في المسلسل. هذا المشهد يعكس الواقع المؤلم للعديد من النساء اللاتي يعانين من فقدان الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي. منى فتو، ومن خلال تأديتها لهذا الدور، نقلت لنا الصورة الواقعية التي تعيشها المرأة المغربية في مواجهة هذه التحديات.
تجسد شخصية منى فتو في المسلسل صورة حية عن تلك الفئة المهمشة التي تعاني في صمت داخل الأسر. ما يجعل دورها محوريًا في العمل هو أنها تمثل حالة واقعية للكثير من النساء اللواتي يعشن في ظل التحديات الزوجية والنفسية. في مسلسل “رحمة”، استطاعت فتو أن تقدم أداءً مميزًا ينقل معاناة تلك الفئة التي لا صوت لها، مما يساهم في رفع الوعي الاجتماعي بأهمية دعم الأسر التي تعيش مثل هذه المواقف.
انتشار مفهوم “المنحرف النرجسي” في السنوات الأخيرة أصبح أكثر وضوحًا في الإعلام والمجتمع، حيث يتم تعريفه على أنه شخصية تعاني من اضطراب نفسي وسلوكي يعكس تصرفات متناقضة تجاه الآخرين. وفي سياق هذا المفهوم، يُظهر الزوج في مسلسل “رحمة” سمات هذه الشخصية بشكل واضح، حيث لا يكتفي بتجاهل احتياجات زوجته، بل يزيد من معاناتها بعد رفضه التام لطفلهما المعاق. إن هذا الرفض القاسي يعكس سلوكًا نرجسيًا يتمثل في عدم قبول الآخر وعدم اهتمامه إلا بمصالحه الشخصية.
النرجسية في هذا السياق تترجم إلى تصرفات عنيفة وغير متزنة، وتؤثر بشكل كبير على علاقات الفرد مع محيطه. ومن خلال شخصية “داود” في المسلسل، يتم إبراز الصراع الداخلي لدى المنحرف النرجسي الذي يكون غالبًا غارقًا في أنانيته ولا يهتم إلا بإرضاء رغباته الشخصية. وهذا النوع من الشخصيات يتميز برغبة شديدة في السيطرة على الآخرين والتلاعب بهم لتحقيق أهدافه، ما يؤدي إلى تدمير العلاقات الإنسانية والعاطفية.
بالمجمل، يقدم مسلسل “رحمة” صورة مؤلمة ولكن صادقة لحياة العديد من النساء اللاتي يعانين في صمت من هذا النوع من العلاقات المسيئة. منى فتو، من خلال أدائها المميز، سلطت الضوء على معاناة هذه الفئة من المجتمع، مما يجعل المسلسل ليس فقط عملًا فنيًا بل أيضًا رسالة اجتماعية هامة تعكس واقعًا يجب معالجته بحذر.
1
2
3