حاز الممثل المغربي أيوب كريطع على جائزة أفضل أداء تمثيلي في مهرجان مونس السينمائي الدولي، الذي أقيم في مدينة مونس البلجيكية. هذه الجائزة جاءت تقديراً لدوره الاستثنائي في الفيلم الروائي الطويل “La Mer au Loin” للمخرج سعيد حميش بن العربي. حيث أثبت كريطع من خلال هذا العمل السينمائي قدراته الفائقة في تجسيد شخصية “نور” بكل ما تحمله من تعقيدات وتحديات. الفيلم الذي أُنتج بشراكة بين عدة جهات مغربية وفرنسية وبلجيكية، كان له صدى كبير في المهرجان، مما جعله يحقق هذا التميز.
الفيلم الذي يحمل عنوان “البحر البعيد” يسرد قصة شاب مغربي يدعى “نور”، والذي يهاجر بطرق غير شرعية إلى مدينة مارسيليا الفرنسية. ومن خلال هذا السياق المعقد، يتناول الفيلم القضايا الاجتماعية والإنسانية التي يواجهها المهاجرون، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعيشها “نور” مع أصدقائه الجزائريين. هؤلاء الأصدقاء يتعاونون معاً من أجل تدبير حياتهم اليومية، حيث يقومون بتجارة بسيطة لمحاولة تأمين لقمة العيش.
ورغم الظروف القاسية التي يعيشها “نور”، إلا أن الحياة تمنحه فرصة للقاء بشخصية مهمة تمثل تغييراً في مجرى حياته. هذا اللقاء مع شرطي فرنسي وزوجته يتسبب في تحولات كبيرة في حياة “نور”، ويجعله يعيد التفكير في أحلامه وتوجهاته. قد تبدو بداية الفيلم مليئة بالصعوبات، لكن تطور الأحداث يعكس الاضطرابات العاطفية التي يمر بها البطل، مما يعزز من الجوانب الإنسانية التي يعكسها العمل السينمائي.
يُعتبر “البحر البعيد” من الأفلام التي تعكس تجارب المهاجرين في أوروبا، ويركز على الصراعات الداخلية والتحديات اليومية التي يواجهها الشاب “نور” أثناء محاولاته التأقلم مع الحياة الجديدة. يطرح الفيلم تساؤلات عديدة حول الهويات المتعددة التي يعايشها المهاجرون، إضافة إلى التوترات التي قد تنشأ بين الثقافات المختلفة.
تجدر الإشارة إلى أن الفيلم لم يلق فقط إشادة من لجنة التحكيم في مهرجان مونس، بل حظي أيضاً باستقبال جيد من الجمهور الذي شاهد العرض الأول له. حيث تمكن الفيلم من أن يلامس مشاعر الحضور بفضل الأداء القوي والمتقن من جميع المشاركين فيه، وعلى رأسهم الممثل أيوب كريطع. لقد كانت هذه الجائزة بمثابة تقدير لشخصية “نور” التي برع في تجسيدها كريطع، وأظهرت موهبته الكبيرة في التأثير على الجمهور.
أيوب كريطع، الذي يعتبر من أبرز الوجوه في السينما المغربية، أضاف هذه الجائزة إلى سجله الحافل بالإنجازات. وكان قد بدأ مشواره الفني في المسرح ثم انتقل إلى السينما، حيث أبدع في تجسيد شخصيات متعددة ومتنوعة. نجاحه في فيلم “البحر البعيد” يعكس أيضاً نضجه الفني وقدرته على التعامل مع أدوار معقدة، مما جعله يحظى بتقدير كبير في الوسط الفني.
من جهته، أبدع المخرج سعيد حميش بن العربي في تقديم هذه القصة الإنسانية التي تعكس واقع المهاجرين، وأثر الظروف الاجتماعية والاقتصادية على حياة الأفراد. إن التعاون بين الإنتاج الفرنسي والمغربي والبلجيكي قد أسهم في تقديم منتج سينمائي يعكس التنوع الثقافي والتحديات التي تواجه المجتمعات الحديثة.
1
2
3