تواصل الفنانة المغربية ناريمان سداد بروزها القوي في الساحة الفنية من خلال مشاركاتها التي تجمع بين العمق الإنساني والاحترافية في الأداء. وفي تجربتها الأخيرة ضمن فيلم “التيار العالي”، تقدم أداء يبرز مدى نضجها الفني وقدرتها على التفاعل مع أدوار مركبة تنبض بالمعاناة والتحديات الاجتماعية، مما جعل حضورها في العمل لافتا ومؤثرا.
في فيلم “التيار العالي”، تجسد ناريمان شخصية شابة تنتمي إلى فئة اجتماعية بسيطة تعيش وسط ظروف معيشية معقدة، تفرض عليها الدخول في صراعات نفسية حادة. وتتنقل الشخصية التي تقدمها بين مواقف من الانكسار والقوة، الأمر الذي أتاح لها التعبير عن مشاعر متضاربة بدقة لافتة، عكست من خلالها معاناة فئة واسعة من المجتمع المغربي.
تتسم الشخصية التي تؤديها ناريمان في “التيار العالي” بطابع إنساني صادق، إذ تعكس الواقع اليومي لشريحة مجتمعية مهمشة تصارع من أجل التوازن والاستمرار. استطاعت أن تبني ملامح الشخصية بتفاصيل داخلية دقيقة، مستخدمة لغة الجسد ونبرات الصوت للتعبير عن الألم والتمرد بصمت يضج بالإحساس، وهو ما جعل المتفرج يعيش تلك اللحظات بكامل وجدانه.
كما تميز تفاعلها مع الشخصيات الأخرى في الفيلم بسلاسة وتوازن، ما أسهم في خلق علاقات درامية حيوية تعزز البناء القصصي وتمنح الفيلم أبعادا أكثر قربا من الواقع. وقد بدا حضورها طاغيا في المشاهد الحاسمة، حيث أظهرت انسجاما تاما مع أحداث العمل، ما ساعد على إبراز التوتر الدرامي بشكل متقن.
يعد هذا الدور في فيلم “التيار العالي” محطة فنية لافتة في مسار ناريمان سداد، إذ سمح لها بإبراز قدراتها التعبيرية في تقديم شخصية مركبة تتأرجح بين الأمل واليأس، وبين التحدي والانكسار. وتحسب لها الجرأة في خوض هذا النوع من الأدوار التي تتطلب حضورا ذهنيا ووجدانيا في آن واحد، ما منح الفيلم صدقا دراميا مؤثرا.
من خلال مشاركتها في “التيار العالي”، تؤكد ناريمان سداد مرة أخرى مكانتها ضمن أبرز الوجوه النسائية في الدراما المغربية، حيث استطاعت أن تقدم أداء متوازنا يمزج بين الاحتراف والإحساس، في عمل فني ينقل الواقع بعيون صادقة ويجعل الفن مرآة للإنسان وهمومه اليومية.
1
2
3