الكاريان في المغرب بين مطرقة الإزالة وسندان الدعم الاجتماعي

خديجة زاز 

1

2

3

يمثل ملف “الكاريان” أو الأحياء الصفيحية أحد أعقد التحديات الاجتماعية والاقتصادية التي تواجهها المدن المغربية منذ عقود. ففي الوقت الذي تراهن فيه الدولة على مشاريع إعادة الإيواء وتحسين المشهد الحضري، تبرز أصوات ترى في هذه التجمعات عنوانا للفقر والهشاشة، فيما يدافع آخرون عن حق ساكنيها في العيش الكريم والاندماج في نسيج المدينة بدل تهميشهم أو تهجيرهم.

وجهة نظر اقتصادية: تشويه الصورة وإعاقة التنمية

يرى عدد من الفاعلين في مجالات الاستثمار والسياحة والعقار أن استمرار وجود “الكاريانات” في مداخل المدن أو قرب المحاور الرئيسية ينعكس سلبا على جاذبية المغرب كمجال حضري حديث وآمن. حيث يعتبر هؤلاء أن هذه البنايات العشوائية تضر بصورة المدن المغربية، وتشكل مصدر قلق للمستثمرين وتعيق مشاريع التنمية العمرانية.

وفي تصريح لأحد الخبراء الاقتصاديين، قال:”الإبقاء على الكاريان هو إبقاء على بؤر للفقر والعشوائية. من منظور اقتصادي، فإن الأرض التي تشغلها هذه الأحياء يمكن أن تتحول إلى فضاءات منتجة أو سكنية منظمة تعود بالنفع على الجماعة المحلية والساكنة نفسها.”

مقاربة اجتماعية: الحق في السكن لا يجب أن يهمل

في المقابل، يدافع نشطاء حقوق الإنسان وممثلون عن المجتمع المدني عن مقاربة تراعي الجانب الإنساني والاجتماعي في هذا الملف. ويشددون على أن محاربة السكن العشوائي لا ينبغي أن تتم بسياسة الإزالة فقط بل عبر تمكين السكان من بدائل حقيقية تحفظ كرامتهم وتضمن استقرارهم.

تقول فاطمة، إحدى القاطنات بأحد الكاريانات في ضواحي الدار البيضاء: “لم نختر أن نعيش في الصفيح، لكن الظروف دفعتنا إلى ذلك. ما نطلبه ليس أكثر من سكن يحفظ كرامتنا ويأخذ بعين الاعتبار أوضاعنا الاقتصادية.”

الحلول بين الواقع والطموح

الحكومة المغربية أطلقت منذ سنوات برامج لإعادة إسكان ساكنة دور الصفيح، وحققت بعض المدن تقدما ملموسا في هذا الإطار، إلا أن التحديات لا تزال قائمة، من بينها رفض بعض الأسر مغادرة أماكنها أو عدم كفاية التعويضات، أو غياب البنيات التحتية في المناطق البديلة.

ومن جهة اخرى يجمع المختصون على أن الحل يكمن في تبني مقاربة شمولية ترتكز على العدالة الاجتماعية والتخطيط الحضري المدروس، وتحقيق توازن بين البعد الاقتصادي وصون الكرامة الإنسانية.

الكاريان في المغرب بين مطرقة الإزالة وسندان الدعم الاجتماعي