النيابة العامة بمراكش تدخل على خط قضية التلميذة بعد استفزازات المعتدية لها على مواقع التواصل

عرفت منصات التواصل الاجتماعي تفاعلا واسعا في المغرب وخارجه مع قضية الشابة سلمى، إذ انتشرت النداءات التضامنية تحت وسم #كلنا_سلمى بشكل كبير مما جعل هذه القضية تخرج من نطاقها الضيق إلى أن تصبح قضية رأي عام شغلت المتابعين واستفزت مشاعر الكثيرين. وقد ساهم هذا الزخم الرقمي في تحريك المياه الراكدة وإجبار الجهات الرسمية على التفاعل الجاد مع القضية بعد تداول فيديوهات اعتُبرت مهينة ومسيئة بشكل مباشر للضحية.

1

2

3

وتعود تفاصيل الواقعة إلى تعرض سلمى لاعتداء جسدي ومعنوي خطير داخل مؤسسة تعليمية من طرف إحدى زميلاتها، ولم يتوقف الأمر عند حدود الفعل الإجرامي الأول، بل تمادت المعتدية بعد الإفراج عنها بنشر مقاطع مصورة تظهر فيها بنبرة تشفٍّ واضحة ومحتوى استفزازي اعتبره العديد من المتابعين تحديا صريحا للقانون ومساسا صارخا بكرامة الضحية، وهو ما زاد من حدة الغضب المجتمعي ورفع من مطالب الإنصاف.

وبحسب ما أفادت به مصادر صحفية مطلعة فإن النيابة العامة بالمحكمة الابتدائية بمراكش لم تتأخر في الدخول على خط هذه التطورات، حيث أعطى وكيل الملك تعليماته للضابطة القضائية بفتح تحقيق دقيق يشمل جميع المقاطع المتداولة التي تحمل إهانات مباشرة واستفزازا نفسيا للضحية من قبل الجانية التي سبق وأن صدر في حقها حكم قضائي بالسجن. ويأتي هذا الإجراء القانوني تفاعلا مع حساسية الموضوع وضمانا لحماية الحق في الكرامة الإنسانية.

وقد باشرت المصالح الأمنية المكلفة التحقيقات اللازمة لتحديد الجهة التي قامت بنشر الفيديوهات وتوثيق محتواها وتحليلها قانونيا، كما تعمل السلطات المختصة على اتخاذ ما يلزم من إجراءات في إطار احترام المساطر القانونية الجاري بها العمل مع التركيز على ضمان عدم تكرار مثل هذه السلوكيات التي تخدش صورة العدالة وتنتهك مشاعر الضحايا حتى بعد صدور الأحكام.

وتجدر الإشارة إلى أن المعتدية سبق وأن صدر في حقها حكم قضائي ابتدائي يقضي بشهرين حبسا نافذا وغرامة مالية قدرها خمسون ألف درهم كتعويض للضحية، وهو الحكم الذي تم تأييده في مرحلة الاستئناف رغم الانتقادات التي اعتبرته مخففا بالنظر لخطورة الفعل المرتكب، غير أن المحكمة اعتمدت في تخفيف الحكم على صفة الجانية كـ”حدث” في تماس مع القانون. وقد أعاد ظهور الفيديوهات المسيئة المطالبة بإعادة فتح الملف ومراجعة الإجراءات السابقة.

وتعالت أصوات الحقوقيين وممثلي المجتمع المدني مطالبة بتشديد العقوبات في مثل هذه القضايا التي تمس بالأمن النفسي والاجتماعي للأفراد، داعين إلى ضرورة ردع كل من يتجاوز حدود القانون ويتعمد نشر الإساءة والتشهير عبر الوسائط الرقمية. كما اعتبر عدد من المتابعين أن ما وقع لا يمكن حصره في مجرد نزاع بين تلميذتين بل هو نموذج صارخ لتفشي ظاهرة العنف الإلكتروني وضرورة مواجهتها بإرادة قانونية حازمة.

ويترقب الرأي العام ما ستسفر عنه التحقيقات الجارية في مدينة مراكش، حيث يأمل كثيرون أن يتم تفعيل القانون بصرامة في وجه من يتعمدون استغلال التكنولوجيا للإساءة إلى الآخرين، خاصة عندما يكون الضحية قد أنهى مسار المعاناة الأولى ليُفاجأ بتكرار الألم في نسخة رقمية أكثر إيذاء، وهو ما يستدعي تحركا قانونيا فعّالا يضمن حق المتضررين ويحمي المجتمع من الانزلاق في فوضى رقمية تمس القيم والحقوق.

النيابة العامة بمراكش تدخل على خط قضية التلميذة بعد استفزازات المعتدية لها على مواقع التواصل