تمتد مسيرة الفنانة المغربية المتميزة، قمر السعداوي، كشاهد حي على براعتها الفنية وقدرتها الفريدة على فرض وجودها ضمن مجال الفنون المرحة، حيث استطاعت ومن خلال موهبتها الصادقة أن تنسج علاقة وثيقة مع جمهور عريض، فاكتسبت محبتهم وتقديرهم بفضل أسلوبها الساخر العفوي ولغتها البسيطة التي تنبع من صميم الواقع وتلامس التفاصيل اليومية للإنسان العادي، مما جعل رحلتها الفنية المستمرة نابضة بالحيوية والمرح وتشع بالأمل والإبداع.
وفي هذا الإطار، تواصل الفنانة تعزيز مكانتها الفنية عبر مشروعين متكاملين، أحدهما على خشبة المسرح والآخر على الشاشة الصغيرة، حيث تضع حاليا اللمسات النهائية لعرض مسرحي فردي تعده بعناية فائقة وجهد كبير، وتنوي من خلال هذا العمل الطموح القيام بجولة فنية تشمل عدة مدن مغربية، وينتظر أن يكون هذا العرض تجربة استثنائية وجديدة تعكس رؤيتها الخاصة وأسلوبها المميز في تناول القضايا والمواضيع الاجتماعية بعين فكاهية ناقدة، وبروح مرحة تتفاعل مع الجمهور وتشركه في الحكاية.
وبالتوازن مع التحضيرات المسرحية، تطل السعداوي على المشاهدين عبر الشاشة من خلال مشاركتها في السلسلة الكوميدية الناجحة “مبروك علينا”، التي أخرجتها المخرجة صفاء بركة وتعرض على إحدى القنوات الوطنية، ويدور هذا العمل في إطار طريف وممتع، تستمد أحداثه ومواقفه من صلب الحياة اليومية والعلاقات الإنسانية العادية، حيث تجسد دور “فتيحة”، وهي شابة تعيش قصة حب مع شاب لا يعمل، مما يخلق العديد من المواقف المحركة للضحك والمشحونة بالمفارقات الساخرة والدلالات الاجتماعية.
وتعبر السعداوي عن قناعتها الراسخة بأن الفن الكوميدي يمنحها مساحة تعبيرية أوسع وأكثر حرية مقارنة بالأدوار الجادة الأخرى، كما أنها ترى أن هذا النوع من التمثيل قريب جدا من شخصيتها الحقيقية وميولها الفنية، لأنه يتيح لها إيصال رسائلها وأفكارها إلى الجمهور بطريقة خفيفة الظل وفي نفس الوقت عميقة التأثير، كما تؤمن بأن تحقيق النجاح في هذا المجال الدقيق يتطلب بالضرورة حسا فنيا مرهفا وقدرة عالية على التقاط أدق التفاصير الإنسانية التي يمكنها أن تضحك وتعبر في آن واحد.
أما بالنسبة لحبكة السلسلة التلفزيونية، فتدور أحداثها الرئيسية حول زوجين شابين يعيشان أولى تجاربهما في الحياة العائلية الزوجية، ويقرران استقبال أسرتيهما في منزلهما المشترك بعد ولادة طفلهما الأول، وينتج عن هذا التعايش العائلي المؤقت مجموعة من المواقف المضحكة والمتحركة، التي تنبع أساسا من تصادم الأفكار واختلاف العادات وتباين طرق التربية بين الجيلين، مما يخلق أجواء عائلية مليئة بالتوتر اللطيف والطرافة المؤثرة.
وقد شهد هذا العمل الفني أيضا عودة متميزة للفنان المخضرم عزيز الحطاب إلى عالم الأدوار الكوميدية، بعد أن ركز لسنوات عديدة على الأعمال الدرامية والحلقات الاجتماعية الجادة، مما أضاف إلى التجربة نكهة خاصة وثراء في الأداء، كما اعتمد فريق الإنتاج على خليط من الممثلين الذين يحملون طاقات متجددة وشابة، إلى جانب وجوه ذات خبرة، وذلك من أجل منح العمل حيوية متجددة ولمسة عصرية جديدة على مستوى الأداء الجماعي والكيمياء الفنية بين أفراد الطاقم.
وضم طاقم التمثيل في هذه السلسلة مجموعة من الأسماء المعروفة والناجحة، إلى جانب بعض الأسماء الصاعدة والواعدة، ومن بينهم المهدي فولان، سلوى زرهان، عدنان موحجة، سعيدة باعدي، وسعاد حسن، كما شهدت الحلقات مشاركة الفنانة ابتسام العروسي في دور مغاير عن أدوارها المعتادة، إلى جانب الفنان رفيق بوبكر، الذي واصل تعاونه الفني المثمر والمتكرر مع المخرجة صفاء بركة، مما يعكس انسجاما فنيا طويل الأمد وثقة متبادلة بينهما.
أما من الناحية الإنتاجية والتنفيذية، فقد تكفلت شركة “ديسكونيكتد” المتخصصة بإنجاز هذا المشروع الفني تحت الإشراف المباشر للمنتج خالد النقري، وتمت عمليات التصوير في مواقع معروفة ومألوفة ضمن مدينة الدار البيضاء، والتي سبق أن احتضنت العديد من الأعمال الفكاهية الناجحة، ويعكس هذا العمل الاستمرارية في الرهان على الفن الكوميدي كخيار رئيسي وأصيل في المشهد الفني المغربي المعاصر، وإيمانا راسخا بدوره الكبير في ملامسة وجدان المتفرج والتعبير عن همومه بلغة الضحك والإيحاء والمشاعر الإنسانية الصادقة.
1
2
3