يشكل الممثل المغربي زكرياء عاطفي واحدا من الوجوه الحاضرة في الساحة الفنية، حيث استطاع بفضل حضوره القوي وأدائه المتنوع أن يرسخ اسمه بين الفنانين الذين يؤمنون بأن السينما ليست مجرد وسيلة للترفيه، بل فضاء أوسع للتعبير والتفاعل مع المجتمع. ويؤكد عاطفي أن ارتباطه بالفن جاء من قناعة راسخة بأن الصورة قادرة على إحداث أثر في المتلقي، وأن الممثل يساهم من خلال أدائه في فتح حوار هادئ حول العديد من الظواهر التي يعيشها الإنسان في يومه.
وكشف في تصريح للصحافة أن السينما تمنح للفنان فرصة استثنائية للتعبير عن رؤيته وطرح الأسئلة التي تشغل المجتمع، مؤكدا أن هذا المجال يتيح تناول مختلف المواضيع الفنية والاجتماعية والسياسية بحرية واسعة. ويرى أن الفن السابع مطالب بمواكبة التحولات التي تعرفها الحياة اليومية، سواء عبر الكوميديا أو من خلال الدراما التي تقدم القصص من زوايا إنسانية عميقة.
ويشير عاطفي إلى أن ظهوره المتكرر في أدوار الشر مرتبط بخيارات المخرجين أكثر مما هو ناتج عن رغبة شخصية، موضحا أن بنيته الجسدية كانت سببا في توجيهه نحو هذا النوع من الأدوار رغم مشاركته في أعمال كوميدية ومسلسلات بعيدة عن العنف. ويلفت إلى أن هذا التصنيف جعل بعض المشاهدين يخلطون بين شخصيته الحقيقية وما يجسده أمام الكاميرا، إذ يعتقد البعض أنه يشبه في الواقع تلك الشخصيات القاسية التي يؤديها.
وكشف في تصريح للصحافة أيضا أن غيابه عن الشاشة الصغيرة لا يتعلق برفض منه، بل بخيارات الجهات المسؤولة عن الإنتاج التلفزيوني، موضحا أن مساحة الظهور يحددها القائمون على البرامج. وأشار إلى أن المخرج إدريس الروخ تواصل معه مؤخرا وعرض عليه دورا غير متوقع، مما يعكس استمرار الثقة في موهبته وقدرته على تقديم شخصيات مختلفة.
ويبرز الفنان أن حضوره يظل أقوى في السينما خلال الفترة الأخيرة، إذ يشارك في فيلمين يعرضان في القاعات حاليا، وهما “زاز” و”الشلاهبية”، إلى جانب انتهائه من تصوير فيلم جديد يحمل عنوان “تسخسيخة” تحت إدارة المخرج سعيد الناصري، في انتظار مشاريع أخرى يجري التحضير لها. ويؤكد أن العمل السينمائي يفتح أمامه آفاقا متعددة تسمح له بخوض تجارب فنية متنوعة تمنحه مساحة للتطور.
ويروي عاطفي أن فيلم “تسخسيخة” تم تصويره في مدينة الدار البيضاء ومحيطها بمشاركة مجموعة من الفنانين، من بينهم حنان الإبراهيمي وجواد العلمي وأمين بنجلون، إضافة إلى أسماء أخرى من الوجوه المعروفة. ويستعرض الفيلم قصة امرأة تدعى راضية تفقد زوجها في ظروف غامضة، ما يدفعها إلى الاستعانة بشقيقها لاستعادة توازنها، قبل أن يزج بهما في أحداث خطيرة ترتبط بشبكات الاتجار في المخدرات.
وتتسارع الأحداث حين يتعرض ابن راضية للاختطاف، حيث يطالب الخاطفون بفدية مالية مقابل الإفراج عنه، لتبدأ رحلة مليئة بالتوتر والمطاردات وسط حبكة تمزج بين الطابع الدرامي والكوميدي. ويؤكد الناصري أن هذا العمل ينتمي إلى فئة الكوميديا الاجتماعية التي اعتاد الجمهور متابعتها في أفلامه السابقة، والتي تجمع بين التشويق وروح الفكاهة.
أما فيلم “الشلاهبية”، فيتناول مجموعة من الشخصيات الانتهازية التي تستغل نفوذها لخدمة مصالحها الخاصة والتلاعب بالمال العام، مستلهما أحداثه من الواقع السياسي والاجتماعي المغربي. ويشير المخرج إلى أن الهدف من هذا العمل ليس الإضحاك فقط، بل تقديم قراءة فنية للواقع تدفع المشاهد إلى التفكير في ما يجري حوله وفي تأثير غياب الكفاءة على تدبير الشأن المحلي.
ويبرز الناصري أن الفيلم يسلط الضوء على وعود انتخابية تقدم للناس دون تنفيذ، مستلهما فكرته من مشاهد تتكرر في الحياة العامة، ومعتبرا أن العمل يحاول تقريب المواطن من حقيقة ما يحدث بعيدا عن المبالغة. ويشير إلى أن هذا المشروع يأتي بعد الدعوة الملكية إلى التغيير والإصلاح، مؤكدا أنه رسالة للمواطن حول أهمية اختياراته وتأثيرها على مستقبل مدينته.
ويشارك في بطولة “الشلاهبية” عدد من الفنانين من أجيال مختلفة، من بينهم إلهام واعزيز، فاطمة وشاي، الصديق مكوار، محسن ناشط، ومصطفى أبو قاسم، إلى جانب عناصر شابة تضفي على العمل حيوية إضافية. وتجمع هذه المشاركة بين خبرات متعددة تمنح للفيلم تنوعا في الأداء وتوازنا في بناء الشخصيات.
1
2
3