لمياء خربوش فنانة مغربية استطاعت أن تفرض اسمها في الساحة الفنية من خلال مسيرة متدرجة ومبنية على اختيارات واعية. بدأت خطواتها الأولى بين خشبة المسرح وعدسة الكاميرا، حيث صقلت تجربتها بالاجتهاد والتنوع، ما مكنها من أداء أدوار معقدة تستدعي عمقا في التقمص والتمثيل. وقد شكلت أعمالها الأخيرة محطة جديدة في مسارها، بفضل الشخصيات التي أدتها بجرأة وإحساس صادق ترك أثرا لدى المتلقي.
أبدت خربوش اندهاشها من تفاعل الجمهور الكبير مع الدور الذي جسدته في أحد المسلسلات الاجتماعية، خصوصا بعد عرض مشهد مأساوي كانت ضحيته. واستغربت من حجم التعاطف الذي نالته الشخصية رغم طابعها القاسي في بدايات العمل، معتبرة أن هذا الارتباط العاطفي سببه تطور الشخصية وصدق الأداء الذي جعل المشاهدين يعيدون النظر في حكمهم الأولي. كما نوهت بالدور الإيجابي للمخرج وفريق الإنتاج في توفير بيئة داعمة ساعدتها على تقديم أداء متقن.
وحول تفاصيل الشخصية التي أدتها، أوضحت خربوش أنها كانت شخصية مليئة بالتقلبات النفسية والعاطفية، حيث ظهرت في البداية بصورة امرأة صلبة وعدوانية، ثم ما لبثت أن كشفت الأحداث عن هشاشتها العاطفية وانكساراتها الداخلية. وأكدت أن هذا التحول المفاجئ هو ما جعل المشاهدين يعيدون النظر في مواقفهم تجاهها، معتبرة أن بناء الشخصية بهذه الطريقة يعكس احترافية الكتابة وذكاء المعالجة الدرامية.
تحدثت خربوش أيضا عن مشاركتها في عمل درامي آخر وصفته بالتجربة الغنية والمختلفة، حيث أتيحت لها فرصة التفاعل مع فريق تقني محترف ومخرج يمتلك رؤية واضحة. واعتبرت أن هذا المشروع منحها فسحة للتعبير عن قدراتها بطريقة أكثر نضجا، خاصة وأنها تسعى دائما إلى الخروج من النمطية وخوض أدوار تضعها أمام تحديات جديدة. وأشارت إلى أن هذا النوع من الأعمال هو ما يثري المسيرة الفنية ويمنح الممثل أدوات إضافية لصقل أدائه.
وفيما يخص إمكانية تقديم جزء ثان من العمل الدرامي الذي شاركت فيه، لفتت إلى أن النهاية جاءت مفتوحة ومحفزة لخيال الجمهور، ما يجعل التفكير في جزء ثان أمرا منطقيا. وأوضحت أن المشاهدين تعلقوا بمصير إحدى الشخصيات التي لم تحسم نهايتها بعد، وهو ما قد يمهد الطريق لتطورات غير متوقعة وأحداث مشوقة قد تغير منحى القصة بالكامل. كما أشارت إلى أن فكرة العودة في موسم جديد يجب أن تكون مدروسة ومتقنة حتى تحقق النجاح المرجو.
أما عن رأيها في تعدد الأجزاء داخل الأعمال الرمضانية، فقد أكدت أنها كانت في البداية من المعارضين للفكرة، معتبرة أن التجديد هو سر نجاح أي عمل. لكنها لاحظت أن بعض التجارب أثبتت أن تعدد الأجزاء يمكن أن ينجح إذا تم التخطيط له منذ البداية ولم يكن مجرد استثمار للنجاح الأول. ودعت إلى ضرورة التركيز على الجودة والمحتوى بدلا من التركيز على استمرارية العمل فقط، لما لذلك من أثر مباشر على رضا الجمهور.
كما لم تخف إعجابها بكاتبة السيناريو التي كانت وراء النص الذي اشتغلت عليه، مشيدة بقدرتها على رسم أحداث مشوقة وشخصيات غنية بالتفاصيل. واعتبرت أن قوة النص هي الركيزة الأساسية في أي عمل درامي، حيث تشكل القاعدة التي يبنى عليها الأداء والإخراج. وأوضحت أن وجود كاتبة متمكنة من أدواتها يمنح الممثلين فرصة حقيقية لتقديم أداء عميق يعكس تناغم الرؤية الفنية بين كل عناصر العمل.
وبموازاة ظهورها التلفزيوني، لا تزال لمياء خربوش حاضرة على الساحة المسرحية من خلال عرض فني يجمع بين الغناء والتعبير الجسدي والتمثيل. وأشارت إلى أن هذا العمل المسرحي، الذي يجمع نخبة من الفنانين، كان تجربة استثنائية بفضل الروح الجماعية التي تسود الكواليس. وأكدت أن تواصل المسرحية كان نتيجة طبيعية للنجاح الذي عرفته، وللتفاعل الإيجابي الذي ناله العرض من جمهور متعطش للأعمال الراقية والهادفة.
أما عن قصة العمل الذي شكل محطتها الأبرز في الفترة الأخيرة، فهو يتناول حكاية ثلاث شقيقات يجمعهن رابط عائلي غير تقليدي، إذ تنتمي إحداهن إلى أب مختلف، ما يخلق توازنات دقيقة في علاقتهن. وبعد وفاة الأم، تنطلق رحلة مليئة بالتوترات لإدارة مشروع عائلي تخفي خلفه صراعات نفسية واجتماعية عميقة. وقد تميز هذا العمل بتناوله الصريح لمواضيع حساسة من الواقع المغربي، وبمقاربته الجريئة التي سلطت الضوء على قضايا مسكوت عنها بأسلوب فني مشوق.
1
2
3