تخوض الفنانة المغربية رباب كويد تجربة درامية جديدة من خلال مشاركتها في المسلسل المغربي “البراني”، الذي يعرض على قناة دوزيم في 15 حلقة، كل واحدة منها تمتد لحوالي 52 دقيقة. وتأتي هذه المشاركة لتكرس حضور رباب في الساحة الفنية المغربية، باعتبارها من الوجوه الصاعدة التي أبانت عن قدرات تمثيلية واعدة في أعمال سابقة، منها مشاركتها في مسلسلات اجتماعية وشبابية، جسدت من خلالها أدوارا لامست واقع المرأة المغربية وقضاياها النفسية والاجتماعية. تتميز رباب بخياراتها الفنية الهادفة، حيث تميل إلى الشخصيات المركبة التي تتطلب جهدا داخليا في الأداء، وهو ما يظهر بوضوح في الدور الذي تجسده في هذا العمل الجديد.
في “البراني”، تؤدي رباب كويد دور أمينة، وهي شخصية شابة تعيش وسط دوامة من التعقيدات النفسية والاجتماعية. أمينة ليست فقط ضحية لواقع قاس، بل هي مرآة تعكس الألم الصامت الذي يعيشه عدد من الشباب في ظل غياب الفهم والدعم. من خلال هذا الدور، تقدم رباب أداء داخليا يمزج بين الانكسار الظاهري والانفعال المكبوت، حيث يضعها السيناريو في مواجهة مباشرة مع التحولات الغامضة التي يشهدها الدوار بعد ظهور شخصية “البراني”.
المسلسل من توقيع المخرج إدريس الروخ، ومن إنتاج شركة Disconnectd، وتم تصوير مشاهده في مناطق متنوعة مثل إفران، أزرو، وضواحي مدينة الدار البيضاء. وتدور أحداث العمل في أجواء نفسية مشحونة، حيث يصل رجل غريب إلى دوار هادئ، ليبدأ في كشف خيوط خفية من الماضي المظلم لسكانه. لا يتحدث “البراني”، لكن وجوده وحده يكفي لإعادة فتح جراح قديمة كانت مطمورة تحت غبار النسيان، وليقلب حياة الجميع رأسا على عقب.
يتقاطع دور رباب كويد مع مجموعة من الشخصيات المحورية، من بينها علياء (تجسدها هند السعديدي)، وهي امرأة بورجوازية تحمل في أعماقها شعورا بالذنب بسبب حادث مؤلم وقع في طفولتها. وليلى (حسناء مومني)، التي عاشت طفولة مضطربة جعلتها سجينة لأزمات نفسية لم تستطع تجاوزها. أما مريم (صوفيا بنكيران)، فهي كاتبة خاصة عند “حكيم”، تنسج خيوطها بصمت وذكاء، وتخفي نوايا مبهمة.
شخصية “حكيم” التي يجسدها حميد باسكيط تضيف أبعادا غامضة ومثيرة، فهو كاتب مثقف يعيش في الدوار وله ارتباطات مع ماض ثقيل يعيد “البراني” فتحه من جديد. ومع تصاعد الأحداث، تنكشف وجوه متعددة لكل شخصية، ويصبح “البراني” بمثابة مرآة تكشف المستور، وتدفع كل واحد إلى مواجهة حقيقته.
يشارك في العمل أيضا ثلة من الممثلين البارزين، من بينهم وداد المنيعي في دور سهام، وكريم بولمال الذي يجسد شخصية مجرم خطير ماضيه مليء بالجرائم والاختطاف والسرقة، ومنصور بدري في دور شرطي يسعى لفك خيوط الأحداث، إضافة إلى مشاركة أسماء أخرى معروفة مثل عبد الإله رشيد، سعاد حسن، مراد حميمو، وكمال حيمود.
مسلسل “البراني” ليس فقط عملا دراميا، بل تجربة نفسية عميقة تغوص في دواخل الإنسان المغربي، وتطرح أسئلة مؤلمة عن الذنب، والخوف، والهروب من الذات. وفي هذا السياق، يشكل أداء رباب كويد إضافة نوعية للمسلسل، خاصة أن دور “أمينة” يعكس واقعا نفسيا ملموسا في المجتمع المغربي ويضع الممثلة أمام تحديات فنية عالية.
بهذه المشاركة، تؤكد رباب كويد مجددا أنها فنانة تطمح إلى التميز من خلال الأدوار الصعبة والمعقدة، حيث لا تكتفي بتأدية الشخصية، بل تتقمصها بصدق وتخرج منها أقصى درجات العمق الإنساني.
1
2
3