في أجواء مفعمة بالرقي والذوق الفني، شهد فضاء “المشور” داخل رحاب محكمة الباشا العتيقة بالدار البيضاء عرضا استثنائيا أبدعت خلاله المصممة المغربية مريم بلخياط في تقديم تشكيلتها الجديدة لخريف وشتاء 2025-2026. جاء العرض محملا بنفحات فنية عكست جمالية القفطان المغربي في قالب شتوي أنيق، حيث انسجمت الألوان العميقة مع سكينة الفصول الباردة في تناغم بصري لافت.
هذا الحدث تزامن مع الذكرى الثامنة عشرة لانطلاقة المصممة في عالم التصميم، إذ اختارت بلخياط أن تحتفي بمسارها من خلال تصاميم حملت بين طياتها ملامح من مسيرة إبداعية متجددة، تسكنها لمسة شاعرية تنسج الخيال بالواقع وتزاوج بين الهوية المغربية وروح العصر. وقد رافق الجمهور في رحلة من الأقمشة النبيلة والتفاصيل الدقيقة التي جمعت بين التقاليد والحداثة في توازن بديع.
وفي تصريحها، عبرت مريم بلخياط عن رؤيتها الفنية بقولها إن مجموعة “همسات” ليست مجرد تشكيلة أزياء، بل هي دعوة للتأمل في اللحظات الصامتة التي تسبق الكلام، وفي دفء المرأة التي تحتضن القفطان وتعطيه معناه. استوحت المصممة تصاميمها من إحساس داخلي عميق، عبرت من خلاله عن امتنانها لكل امرأة جعلت من القفطان امتدادا لذاتها وذاكرتها.
كما شددت على أن هذه المجموعة جاءت تتويجا لحوار مستمر بينها وبين عشاق القفطان، حوار هادئ بدأ منذ سنوات ويتواصل بشغف داخل المغرب وخارجه. وأكدت أن “همسات” تمثل عربون محبة ووفاء للمرأة المغربية، بكل ما تحمله من رقي وجمال وأصالة متجددة.
احتضنت المجموعة ألوانا دافئة تنوعت بين البني الشوكولاتي، وتدرجات التيراكوتا، والأخضر اللوزي، مع الأزرق السماوي والرمادي الليلي، إضافة إلى لمسات من الأسود والأبيض، دون أن تغيب نعومة الوردي التي أضفت على التصاميم بعدا أنثويا حالما. وقد عكست هذه الألوان رؤية فنية تستلهم من الطبيعة نبضها ومن المواسم سكونها.
أما الأقمشة التي استعانت بها بلخياط، فقد تنوعت بين الفخامة والرقة، حيث برزت خامات الأورغانزا، الجورجيت الحريري، البروكار، المخمل، الدانتيل والدوشيس. وتزينت جميعها بتطريزات متقنة باستخدام خيوط برونزية وذهبية عتيقة، في إشارة واضحة إلى ارتباط التشكيلة بالموروث المغربي، وإلى التقدير الكبير للحرفية التقليدية التي تتوارثها الأجيال.
اختيار المصممة للفضاء التاريخي لمحكمة الباشا كمسرح لهذا العرض لم يكن محض صدفة، بل جاء تتويجا لرؤية فنية تعتبر أن كل تصميم يجب أن يحاكي روح المكان الذي يعرض فيه. فقد شكلت جمالية المعمار خلفية مثالية لتقديم القفطان برؤية معاصرة لا تتنكر لجذوره، في لقاء بصري رائع جمع بين الفن والفضاء، وبين التاريخ والموضة.
1
2
3