يطل الفنان المغربي حسن فولان مجددًا على الجمهور من خلال عمل سينمائي جديد يحمل عنوان بنت الفقيه، من توقيع المخرج حميد زيان. هذا الفيلم يقدم توليفة درامية تسلط الضوء على تناقضات الواقع الاجتماعي، حيث يؤدي فولان دور “منظم حفلات” يجد نفسه في قلب أحداث تعكس تداخل الطموح الإنساني مع هشاشة القيم الأخلاقية في محيط تسوده المصلحة والربح.
من خلال تقمصه لدور رجل يزاول مهنة تنظيم الحفلات، يدخل حسن فولان عالماً يمزج بين الواجهة الاحتفالية والحقيقة المرة. تتقاطع حياته مع بطلة الفيلم، التي تؤدي دورها الفنانة ابتسام تسكت، وهي شابة ذات صوت شجي تواجه صدمة مجتمعية عميقة بعد أن انقلبت حياتها رأسًا على عقب. ويشكل هذا التقاطع لحظة مفصلية تظهر فيها شخصية فولان ليس كفاعل ثانوي، بل كمحرك رئيسي للأحداث، يسعى لاستغلال موهبة الفتاة لتحقيق مكاسب دون الاكتراث لما خلفته الصدمات في داخلها.
في هذا السياق، يبرع حسن فولان في تقديم شخصية تتأرجح بين التعاطف والمصلحة، بين الاحتواء والاستغلال. ففي الوقت الذي يبدو فيه مهتما بمستقبل الفتاة، تظهر تصرفاته مدفوعة برغبة خفية في تحويلها إلى سلعة فنية تدر عليه الأرباح. وهذا البُعد النفسي المركب يتطلب أداءً تمثيليًا دقيقًا، وهو ما نجح فولان في تجسيده من خلال نظراته، وتفاعلاته الصامتة، وحتى انفعالاته المترددة التي تعكس صراعات داخلية متواصلة.
ضمن هذا العمل، لا يلعب حسن فولان دوره بمعزل عن زملائه، بل يندمج بانسيابية مع طاقم تمثيلي مكون من أسماء لامعة في السينما المغربية، مثل ربيع القاطي، زينب عبيد، وهشام الوالي. وتكمن قوة هذا الانسجام في التفاعلات الواقعية التي نشهدها بين الشخصيات، حيث تتصاعد التوترات وتتشابك المصالح، ويبرز الصراع كعنصر جوهري يعمق البناء الدرامي ويمنح الأحداث بعدًا إنسانيًا ملموسًا.
تدور القصة حول فتاة بسيطة تنحدر من بيئة تقليدية، تقع ضحية حب مراهق يجعلها في مواجهة عنيفة مع محيطها العائلي. ونتيجة لذلك، تهرب إلى المدينة بحثًا عن ملاذ جديد، لتقع في عالم يبدو متفتحًا في ظاهره لكنه يحمل في طياته الكثير من القسوة والانتهازية. يجد فيها منظم الحفلات فرصة ثمينة، فيقرر دعمها، ليس بدافع إنساني خالص، وإنما لاعتقاده بأن صوتها قادر على جلب الأضواء وتحقيق الشهرة.
مع تصاعد الإيقاع الدرامي، نلمس كيف تنقلب الأدوار، فالمقطع المصور للبطلة الذي يُنشر على الإنترنت يحولها من فتاة منسية إلى أيقونة فنية، وهنا تبرز براعة حسن فولان في مرافقة هذا التحول. تتغير نواياه بتغير الأوضاع، وتتكشف حقيقة سعيه نحو المجد عبر الآخر. وقدرته على تجسيد شخصية انتهازية من دون السقوط في الكاريكاتير يمنح الفيلم بعداً نقدياً عميقاً للمجتمع ولمنظومته القيمية.
من خلال هذه التجربة الفنية الجديدة، يؤكد حسن فولان مجددًا مكانته كممثل يمتلك حسًا درامياً راقياً وقدرة لافتة على الغوص في ملامح شخصيات ذات طابع إنساني معقد. فالدور الذي لعبه في بنت الفقيه لم يكن مجرد محطة تمثيلية جديدة، بل رسالة فنية تكشف عن عمق التحولات الاجتماعية والوجه الآخر لعالم الفن حين يصبح مجالًا للاستغلال بدل الإبداع.
1
2
3