في إطار مشاركتها في إحدى الفعاليات الفنية البارزة على الساحة المغربية، أعربت الفنانة هند السعديدي عن بالغ فخرها واعتزازها بالمساهمة في هذه التظاهرة، التي اعتبرتها مساحة ثمينة للتلاقي بين الفنانين من مختلف المشارب. وقد أوضحت أن مثل هذه المناسبات تُعد بمثابة جسور للتواصل الإبداعي، حيث تتيح تبادل الرؤى والخبرات، مما يسهم في إذكاء روح التعاون والتجديد داخل الوسط الفني الوطني.
ومن زاوية أخرى، سلطت السعديدي الضوء على البعد الأعمق لمثل هذه الفعاليات، معتبرة أن قيمتها لا تقتصر فقط على الاحتفاء بالمواهب وتكريمها، بل إنها تشكل فضاءً حيويًا للحوار وتقييم الممارسات الفنية بمختلف أشكالها. وأشارت إلى أن من شأن ذلك أن يدفع الساحة الإبداعية نحو دينامية جديدة تحفز على الابتكار، وتشجع الفنانين على تقديم أعمال أكثر التزامًا وجرأة، تواكب تطلعات المتلقي المغربي.
وتحدثت الفنانة أيضا عن ضرورة استمرار تنظيم هذه المبادرات طيلة السنة، موضحة أن الفعل الثقافي لا ينبغي أن يكون موسميا أو ظرفيا، بل يجب أن يتحول إلى مسار دائم ومتواصل. وأضافت أن التظاهرات الفنية تُسهم في إثراء المشهد الفني وتقريبه من الجمهور، كما تعزز مكانة الفن في المجتمع وتدعم تطوره في ظل التحولات الراهنة.
وفي سياق حديثها عن الأبعاد الثقافية للفن، أبرزت السعديدي أهمية الحفاظ على التراث المغربي بوصفه جزءًا لا يتجزأ من هوية البلاد. واعتبرت أن من أبرز الأدوار التي يؤديها الفن هو حفظ الذاكرة الجماعية، بما تحمله من رموز وعناصر روحية وشعبية تشكل مكونًا رئيسيًا في وجدان المغاربة. وبيّنت أن هذا التوجه لا يمكن فصله عن مسؤولية الفنان تجاه مجتمعه وتاريخه.
كما خصّت بالذكر تجارب فنية اختارت أن تستلهم من قصائد فن الملحون، معتبرة أن هذا الاتجاه جدير بالاهتمام والتشجيع. وأكدت أن تحويل هذا اللون من الأدب الشعبي إلى أعمال درامية يشكل خطوة مهمة لإعادة الاعتبار لهذا التراث الأدبي العريق، الذي يحمل بين سطوره الذاكرة الحية لأجيال مضت ويختزن حكايات وقيم عاشها المغاربة في فترات تاريخية مختلفة.
ومن هذا المنطلق، شددت السعديدي على ضرورة تكثيف الإنتاجات الفنية التي تُعنى بالتراث، داعية إلى معالجته بأساليب معاصرة تحترم أصالته وتلائم في الآن ذاته ذوق الأجيال الجديدة. وأوضحت أن التجديد في تقديم التراث ليس تنكرا له، بل هو محاولة لإعادة بث الحياة فيه وجعله أكثر قدرة على التفاعل مع الحاضر.
وفي تعقيبها على مكانة فن الملحون داخل المشهد الفني، أوضحت السعديدي أنه لا ينبغي النظر إليه كمجرد نصوص موزونة أو أشعار تقليدية، بل كمرآة صادقة تنقل صورًا عن المجتمع المغربي في مراحل متفرقة من تاريخه. وقالت إن هذه القصائد تسرد وقائع وأفكارا وتصورات تمثل خزانا من المعاني يمكن استثماره فنيا بشكل بصري يمنحها بعدًا توثيقيًا ومعرفيًا عميقًا.
وأردفت أن تقديم التراث في أعمال فنية مرئية، سواء على خشبة المسرح أو عبر الشاشة، يجعل منه مادة تعليمية موجهة نحو الأجيال الناشئة، ويحول الفن إلى وسيلة لفهم الذات الجماعية واستيعاب المسارات التي مرت بها الثقافة المغربية في تطورها الطويل. واعتبرت أن استحضار التراث في الفن يسهم أيضا في تجسير الهوة بين الماضي والحاضر.
أما بخصوص تقييمها لمستوى الإنتاجات الرمضانية الأخيرة، فقد عبرت السعديدي عن ارتياحها لما شهده الموسم من تنوع في المواضيع وتحسن في جودة الأداء والإخراج. وأكدت أن هناك طفرة إيجابية في مستوى الكتابة الدرامية، كما لاحظت ازديادًا في تفاعل الجمهور مع مختلف الأعمال المقدمة، وهو ما يعكس نضج ذوقه ووعيه الفني.
وفي ختام حديثها، شددت الفنانة على أن التطور الذي تشهده الساحة الفنية المغربية يمثل علامة على تزايد الوعي بأهمية الفن كأداة للتغيير والتنوير. ودعت إلى مواصلة استثمار الطاقات الإبداعية في إنتاج أعمال تكرّس الثقافة الوطنية وتُسهم في توثيق التراث المغربي بكافة أنواعه، سواء من خلال الكتابة الأدبية أو الرسم أو السينما أو المسرح، معتبرة أن الفن الأصيل هو الذي ينتمي إلى أرضه ويعبّر عن ناسه.
1
2
3