برز اسم عثمان التاقي في ذاكرة المشاهد المغربي من خلال أدائه المميز في المسلسل الشهير “لالة فاطمة”، حيث تقمص شخصية “جمال بنزيزي” التي ظلت راسخة في أذهان المتابعين لسنوات. لم يكن التاقي مجرد ممثل شاب في بداية طريقه، بل استطاع أن يبث في الشخصية روحًا مرحة وشخصية محببة، مما جعله يحظى بشعبية واسعة وسط جمهور الدراما الاجتماعية المغربية. وقد عُرض هذا العمل لعدة مواسم على القناة الثانية المغربية، مجسدًا صورة حية عن أسرة مغربية تتقاطع فيها لحظات الفرح بالحزن، ومشكلات الحياة اليومية بالأمل في المستقبل.
1
2
3
ومع توالي حلقات المسلسل ونجاحه الكبير، ارتبط وجه عثمان التاقي بشخصية جمال إلى درجة أن العديد من المشاهدين لم يعودوا يفرقون بين الاسم الفني والشخصي. ومع ذلك، لم يجعل التاقي من الشهرة الفنية هدفه النهائي، بل اتخذ مسارًا مغايرًا تمامًا عن المتوقع، حين قرر مغادرة الساحة الفنية والابتعاد عن أضواء الكاميرات.
في خطوة مفاجئة لجمهوره، اتخذ عثمان التاقي قرارًا حاسمًا بترك عالم الفن بعد انتهاء سلسلة “لالة فاطمة”، مفضلاً العودة إلى حياته الأكاديمية. فقد التحق بجامعة فرنسية لمتابعة دراسته في تخصص الرياضيات بعد حصوله على شهادة البكالوريا، وهي خطوة عكست رغبته في التعمق في العلوم الدقيقة واكتساب تكوين علمي متين بعيدًا عن المجال الفني.
ولم تتوقف طموحات التاقي عند حدود الرياضيات، بل اختار لاحقًا دراسة المعلوماتية داخل مدرسة للمهندسين، حيث تفتح أمامه هذا التخصص أبوابًا جديدة في عالم التكنولوجيا والابتكار. وقد ساعده هذا التكوين المتين في اقتحام مجالات مهنية واسعة داخل كبرى الشركات العالمية، حيث راكم تجارب وخبرات متعددة في بيئات مهنية متنوعة.
وخلال هذه المرحلة، تنقل عثمان بين عدد من الدول، مشاركًا في مشاريع مهنية متنوعة، مما منحه منظورًا عالميًا ووسع آفاقه الفكرية والمهنية. وسرعان ما ترسخت لديه فكرة تأسيس مشروعه الخاص، فقرر الاستقرار بالمغرب ليطلق شركته الخاصة في مدينة الدار البيضاء، والتي تنشط في مجال التجارة الإلكترونية، وهو قطاع يشهد تطورًا متسارعًا ويتطلب قدرات تقنية عالية وخبرة في مجالات الإدارة والتسويق الرقمي.
من خلال هذه الخطوة، أثبت عثمان التاقي أن النجاح لا يقتصر على مجال واحد، وأن التحول من نجم تلفزيوني إلى رجل أعمال ناجح يمكن أن يكون مسارًا طموحًا ومثمرًا. فرغم ابتعاده عن التمثيل، لا يزال الجمهور يتذكره بحب، ويُضرب به المثل في الجمع بين الموهبة الفنية والتفوق الأكاديمي والمهني.
قصة عثمان التاقي تظل مصدر إلهام لكل شاب مغربي يرغب في رسم طريقه الخاص، بعيدًا عن الصور النمطية أو القيود التي قد تفرضها الشهرة. فقد اختار أن يصنع مستقبله بيده، متنقلًا من خشبة التمثيل إلى منصات الابتكار والعمل الحر، في مشوار يؤكد أن الطموح الحقيقي لا يعرف حدودًا.