بدأ الفنان المغربي صلاح الدين بنموسى مسيرته الفنية في مجال المسرح بعد أن قرر ترك مجال التعليم، وهو القرار الذي لم يندم عليه، إذ يعتبر أن تجربته في التدريس في أحد المعاهد التابعة لوزارة الثقافة بمدينة الدار البيضاء كانت حافلة بالإنجازات. فقد استطاع من خلال هذه الفترة أن يساهم في تخريج عدد من الأجيال الجديدة من الممثلين المسرحيين الذين استمروا في إثراء الساحة الفنية المغربية.
ومع مرور الزمن، شعر بنموسى بتغيرات كبيرة طرأت على المشهد الفني، حيث أصبح يجد صعوبة في التواصل مع العديد من الرواد الذين عايشهم في بداية مسيرته، بسبب غيابهم أو وفاتهم. هذا التغيير كان يزعجه، خاصة مع تراجع بعض القيم الفنية التي كانت سائدة في الماضي. كما أشار إلى أن طرق العمل والإنتاج قد اختلفت بشكل كبير، ما جعل العديد من الفنانين يتوجهون نحو البحث عن طرق جديدة للتعبير عن أنفسهم، في وقت أصبحت فيه الساحة الفنية تفتقر للأسماء التي شكلت جزءًا من تاريخ الفن المغربي.
أما عن غيابه عن الأعمال التلفزيونية والسينمائية في السنوات الأخيرة، فقد دعا بنموسى المخرجين والمنتجين إلى تسليط الضوء على أسباب غيابه عن هذه الأعمال. وأكد أنه ما زال حريصًا على قراءة السيناريوهات التي تعرض عليه، سواء كانت محلية أو أجنبية، قبل اتخاذ القرار بالمشاركة فيها. وهذا يعكس التزامه الدائم بالحفاظ على جودة أعماله وعدم التسرع في قبول أي عرض دون دراسته بشكل دقيق.
وفيما يتعلق بتجاربه الأخيرة في السينما، أشار بنموسى إلى آخر عمل سينمائي له، وهو فيلم “أناطو”. تدور أحداث الفيلم في أواخر الثلاثينات وبداية الأربعينات من القرن الماضي، ويحكي قصة تاجر مغربي من مدينة فاس الذي يذهب في رحلة تجارية إلى السنغال. هناك، يلتقي بشابة تدعى “أناطو”، وهي فتاة ذات عرق مزدوج، من أب فرنسي وأم سنغالية، ويتزوجها في إطار “زواج متعة”، وهو عقد مؤقت ينتهي بانتهاء مدة إقامته في السنغال.
بعد انتهاء مدة إقامته، يكتشف الشاب المسلم عدنان معنى الحب الحقيقي مع “أناطو”، ويقرر مخالفًا القاعدة أن يصطحبها معه إلى المغرب رغم انتهاء عقد الزواج المؤقت بينهما. القصة تنقل معاناة الشخصيات الداخلية وتتناول التحديات التي قد تواجهها في ظروف اجتماعية وثقافية مختلفة. كما تقدم الفيلم رؤية إنسانية عميقة حول مفهوم الحب والإخلاص.
لقد كانت هذه التجربة السينمائية محطة هامة في مسار بنموسى، حيث جمعت بين الثقافات المختلفة وناقشت مواضيع اجتماعية وإنسانية تتجاوز الحدود الجغرافية. وبينما لا يزال بنموسى يواصل البحث عن فرص جديدة لإبراز موهبته، يظل متأكدًا من ضرورة الحفاظ على قيمه الفنية والمهنية التي جعلته أحد الأسماء البارزة في الساحة الفنية المغربية.
1
2
3