تألقت الفنانة المغربية قدس جندل في فعاليات الدورة العشرين لمهرجان المسرح الحر الدولي بالعاصمة الأردنية عمان، بعد أن نالت جائزة أفضل ممثلة عن أدائها البارز في مسرحية “جدار.. الضوء نفسه أغمق”. وقد عرف الحفل الختامي للمهرجان، الذي استمر منذ العاشر من يوليوز، تتويج عدد من الأعمال الفنية، حيث سطع نجم المسرحية المغربية في سماء المنافسة.
وإلى جانب جائزة أفضل ممثلة، حظيت المسرحية ذاتها بالجائزة الفضية لأفضل عرض مسرحي متكامل، تحت إشراف المخرج المغربي ياسين أحجام، وبتجسيد من الفنانين أمين بودريقة ورضا بنعيم إلى جانب قدس جندول، ما منح العمل المسرحي زخما جماهيريا ونقديا يستحقه عن جدارة.
تعد جندول من الفنانات الشابات اللواتي فرضن بصمتهن على الساحة الفنية المسرحية المغربية، حيث تنتمي إلى دفعة 2007 من خريجي المعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي، وقد جمعت في مسارها بين التمثيل على خشبة المسرح والتجربة السينمائية والعمل الإذاعي، ما شكل مزيجا فنيا متنوعا وغنيا.
وقد سبق لها أن حصلت على عدة جوائز من بينها جائزة أفضل ممثلة عن دورها في مسرحية “إكتازيا” لفرقة “أرض الشاون للثقافات” خلال الدورة الثالثة والعشرين من المهرجان الوطني للمسرح بتطوان، بالإضافة إلى جائزة التمثيل مناصفة في الدورة الثانية والعشرين عن دورها في “شاطارا”.
المسرحية المتوجة “جدار.. الضوء نفسه أغمق” تسلط الضوء على شخصيتين تفصلهما جدران غير مرئية من العزلة والاغتراب، حيث تعيشان في دوامة من المشاعر المتضاربة كالألم، والضياع، والحنين للتواصل، والرغبة في كسر القيود المفروضة.
وقد كتبت النص الدرامي الفنانة جندول نفسها، حيث نقلت فيه تجارب داخلية معقدة لشخصيات محاصرة في واقع وجودي خانق، واستخدمت فيه ثنائية التجاذب بين الأمل والخوف، والفراغ والبحث عن المعنى.
المخرج ياسين الزاوي صمم السينوغرافيا بأسلوب بصري عميق، حيث ارتكزت رؤيته على جدار رمزي يمثل الحواجز النفسية والاجتماعية، بينما لعبت الإضاءة الداكنة دورا أساسيا في رسم عالم مشحون بالتوتر والحلم المؤجل.
أما الألوان التي استخدمت على خشبة المسرح، فقد حملت دلالات شعورية مكثفة، أسهمت في تقديم عرض يتجاوز الحكاية نحو ملامسة الكوامن النفسية للمشاهد، ليبنى التفاعل بين النص والجمهور على مستوى بصري وجمالي راق.
المسرحية المغربية لم تحقق فقط النجاح الفني من حيث الأداء والإخراج، بل أثبتت أيضا قدرة المسرح المغربي على تقديم أعمال معاصرة تحاكي الأسئلة الوجودية الكبرى بلغة درامية شاعرية.
ويعكس هذا التتويج حضورا مغربيا متجددا في المهرجانات العربية، ما يؤكد مكانة الطاقات الفنية الشابة وقدرتها على التميز في محافل إبداعية دولية.
1
2
3