شاركت الفنانة المغربية فاطمة الزهراء الحرش متابعيها عبر خاصية “ستوري” على حسابها الرسمي، بلحظة وجدانية عميقة نقلت من خلالها إحساسا إنسانيا شفافا يمس كل من عرف معنى التيه والإنهاك النفسي. لم يكن حديثها عاديا، بل حمل بين سطوره نبضا صادقا وتجربة روحية تقربها أكثر من جمهورها.
في مستهل كلماتها، تحدثت الحرش عن تلك الأوقات التي يفقد فيها الإنسان بوصلته الداخلية، وتبهت خلالها الرغبة في الاستمرار، وكأن المسير بات صعبا دون خارطة طريق واضحة. جسدت هذا الإحساس بعبارة بليغة تختصر شعور الكثيرين، حين قالت إننا نمر أحيانا بلحظات نرى فيها الطريق ممتدا أمامنا، لكننا نجهل من أين نبدأ أو كيف نواصل السير فيه.
ومن قلب هذا الإحساس بالضياع، أشارت إلى أن الانطلاقة لا تتطلب لحظة استثنائية أو قوة خارقة، بل قد تكون في غاية البساطة، كأن يتخذ المرء قرارا هادئا بالكف عن الهروب. لحظة يواجه فيها ذاته دون قناع، ويتصالح مع ضعفه دون خجل، ويفسح المجال لصوت داخلي كان قد كتمه طويلا، أن يسمع دون تردد أو مقاومة.
ولم تكتف فاطمة الزهراء بوصف هذه الحالات، بل غاصت في تفاصيلها لتطرح أسئلة جوهرية تراود كل شخص في منعطفات حياته. تساءلت عن موقع الإنسان من نفسه، عن تلك اللحظات التي يقف فيها مترددا عند أبواب مغلقة لا يعرف إن كان عليه طرقها أم الابتعاد عنها. هذه التساؤلات لم تكن للإجابة، بل كانت دعوة للتأمل، وربما بداية لإعادة اكتشاف الذات من جديد.
ثم جاءت لحظة المكاشفة الكبرى، حين اعترفت بأنها بدأت التغيير من مكان الخوف لا من موقع القوة. لم تدع امتلاك الشجاعة المطلقة، بل أكدت أن خوفها من فقدان ذاتها هو ما حركها، وهذا بحد ذاته شكل من أشكال القوة المبطنة التي تنبع من الصدق. وبنبرة مؤثرة، خاطبت متابعيها وسألتهم إن كانوا مستعدين لبدء رحلة التغيير من لحظتهم الراهنة، مهما بدت هشة أو مربكة.
ما جعل هذه الرسالة تلقى تفاعلا واسعا بين جمهورها لم يكن مضمونها فقط، بل طريقة طرحها العفوية والبسيطة، التي جعلت من الفنانة إنسانة تشارك مشاعرها دون تكلف أو تمثيل. في زمن باتت فيه الصور المصقولة تغلب على الحقيقة، قررت فاطمة الزهراء أن تظهر بهشاشتها، وهي بذلك منحت الكثيرين فسحة أمل وشرارة بداية.
فكانت كلماتها بمثابة مرآة عكست وجعا مشتركا وتجربة صامتة يمر بها كثيرون، لكنها في الوقت نفسه زرعت بذرة رجاء في قلوب كل من شعر ذات يوم بأنه تائه في العتمة.
1
2
3