يعد منعم السليماني أحد الوجوه البارزة في الساحة الفنية المغربية، حيث استطاع أن يفرض اسمه من خلال أعمال موسيقية جمعت بين الأصالة والحداثة. انطلق في بداياته من بوابة فن الراي، قبل أن يتجه تدريجيا نحو تجديد التراث المغربي بأساليب معاصرة تعكس تفاعله مع الأجيال الجديدة وحرصه على الحفاظ على الروح الفنية المحلية. وقد شكلت محطاته الفنية المتعددة تجارب غنية أضافت لرصيده طابعا خاصا، جعله يتفرد بأسلوبه ويكسب ثقة جمهوره الواسع.
في حديث صحفي تقاسم منعم السليماني تفاصيل شخصية من حياته، أبرز من خلالها التأثير العميق الذي تركته والدته في مسيرته الفنية، خاصة على مستوى علاقته بمنصات التواصل الاجتماعي. فقد أوضح أن والدته كانت أول فرد في العائلة يستخدم تطبيق تيك توك، وكانت دوما تحثه على الالتحاق به، معتبرة أنه وسيلة فعالة للوصول إلى الجمهور وإيصال أعماله إلى شرائح أوسع من المتابعين.
بأسلوب طريف لا يخلو من الدعابة، استرجع السليماني اللحظات التي كانت والدته تكرر فيها نصيحتها له باستخدام التطبيق، إلى أن قرر الاستجابة لتوجيهها. ومنذ دخوله هذا العالم الرقمي، بدأت مقاطع أغانيه تنتشر بشكل كبير بين المستخدمين، وتحولت إلى مواد موسيقية رائجة داخل المنصة، مما أسهم في توسعة دائرة جماهيريته وجعل صوته أكثر حضورا في المشهد الفني الإلكتروني.
ومع ذلك، شدد السليماني على أن النجاح الرقمي ليس بديلا عن القيمة الفنية الحقيقية للأغنية. فبالنسبة له، لا تكفي الأرقام والمؤشرات الرقمية لتحديد مكانة الفنان، بل لا بد من أعمال فنية ذات جودة قادرة على لمس إحساس الجمهور والبقاء في ذاكرته. وأكد أن الجمع بين الانتشار الواسع والمضمون الهادف هو ما يمنح للفنان صفة التأثير والاستمرارية في عالم الفن.
من جانب آخر، تحدث السليماني عن نقطة التحول في اختياراته الغنائية، مشيرا إلى أنه وجد نفسه مدفوعا إلى إعادة اكتشاف الموروث الموسيقي المغربي بروح جديدة. وقد شكل هذا التحول خيارا جماعيا بينه وبين فريقه الفني، حيث تم الاتفاق على تقديم الأغنية التراثية في شكل يجمع بين المحافظة على جذورها والانفتاح على أنماط موسيقية حديثة تتماشى مع أذواق المستمعين اليوم.
وأوضح الفنان أن هذا التوجه لم يكن مجرد تجربة فنية بل تعبير عميق عن ارتباطه بالثقافة المغربية، وسعيه المستمر نحو تقريب التراث الموسيقي من الناس بطريقة عصرية. فحسب رأيه، تحديث الأغنية التراثية لا يعني تهميشها، بل هو محاولة لإعادة تقديمها بلمسة إبداعية تجعلها حية ومتجددة وقادرة على مواكبة العصر.
وبين وفائه لجذوره العائلية وسعيه نحو التجديد الفني، يرسم منعم السليماني مسارا فنيا متكاملا، يرتكز على استثمار تجاربه الإنسانية في خلق أعمال موسيقية تحمل بصمة شخصية. وهو بذلك يقدم نموذجا لفنان يتقن الموازنة بين الأصالة والانفتاح، ويجيد التفاعل مع التحولات دون أن يتخلى عن هويته الفنية التي يعتز بها.
1
2
3