أمين الناجي يعبر عن الواقع المؤلم للعلاقات السامة في مسلسل درامي جديد

يعتبر الفنان المغربي أمين الناجي واحدا من أبرز وجوه الساحة الفنية، حيث راكم رصيدا غنيا من الأعمال التي جمعت بين التميز الدرامي والصدق الإبداعي. تألقه في أدوار متعددة سمح له بترسيخ مكانته في قلوب الجمهور، إذ عرف بقدرته على تجسيد شخصيات متناقضة بأداء متوازن. وبفضل اختياراته الفنية الذكية، أصبح من الأسماء التي تحسب لها الكلمة في الساحة التلفزيونية والسينمائية على حد سواء.
في إطار بحثه المستمر عن تجارب مختلفة، يستعد الناجي للظهور في عمل درامي جديد يحمل عنوان “أنا حرة”، من توقيع المخرج أحمد أكساس. يطل من خلاله على جمهوره بدور مغاير لما اعتاد تقديمه، حيث يقف إلى جانب الممثلة كريمة غيث في عمل يبدو محملا بتعقيدات إنسانية وثقل نفسي كبير. المسلسل ينتمي إلى نوعية الأعمال الاجتماعية التي تلامس الواقع وتعكس صراعاته الخفية.
تدور أحداث العمل حول قصة امرأة تعمل خادمة، والتي تجسدها الفنانة كريمة غيث، تواجه حياة مضطربة بعد فقدان زوجها، الذي يلعب دوره أمين الناجي. يظهر الناجي في شخصية رجل مضطرب نفسيا، يتصف بالسلوك العدواني والميل للهيمنة، حيث يتعمد إذلال زوجته وممارسة العنف ضدها، ما يجعله نموذجا للزوج المتسلط الذي يخفي خلف صورته قناعا من الظلم والانتهاك. وتسهم هذه الشخصية في كشف الستار عن خبايا العلاقات السامة، التي كثيرا ما تظل طي الكتمان داخل البيوت.
يسلط المسلسل الضوء على معاناة النساء اللواتي يشتغلن في مهن هشة ويعانين من ظلم مزدوج، سواء داخل فضاءات العمل أو في حياتهن الخاصة. ويعالج النص جوانب دقيقة من الانكسار النفسي الذي يطبع حياة ضحايا العنف الزوجي، وذلك في سياق يبرز كيف يمكن للأوهام أن تكون قيدا يمنع الإنسان من إدراك واقعه المرير. ومن خلال هذا الطرح، يسعى المخرج إلى تقديم قراءة نقدية للواقع، تضع المشاهد أمام حقائق يصعب تجاهلها.
تتخذ القصة منعطفا آخر من خلال ظهور شخصية جديدة، يجسدها الفنان عبد السلام بوحسيني، الذي يقع في حب الخادمة المتألمة. غير أن هذا الحب يواجه مقاومة نفسية من طرفها، بسبب الجراح العميقة التي خلفتها تجربتها السابقة. في هذا الإطار، يظهر صراع داخلي بين الرغبة في احتضان فرصة جديدة للحياة، والخوف من إعادة إنتاج نفس الألم الذي سكنها لفترة طويلة. هذا التوتر العاطفي يضفي على العمل أبعادا إنسانية مؤثرة ويثري حبكته الدرامية.
يمثل المسلسل إضافة متميزة للأعمال التلفزيونية المرتقبة، خصوصا خلال الموسم الرمضاني المقبل، حيث يجمع بين الجرأة في الطرح وقوة الأداء. ويعد الدور الذي يجسده أمين الناجي تحديا نوعيا له كممثل، إذ يخوض غمار تقديم شخصية سلبية مركبة تتطلب الكثير من التعمق الداخلي والتجسيد الواقعي. وهو ما يعكس حرصه الدائم على اختيار أدوار تحمل مضمونا وتطرح أسئلة مجتمعية تستحق النقاش.