شهدت مدينة فاس خلال عيد الأضحى مشهدا مميزا حيث اختار مجموعة من الشباب التعبير عن فرحتهم بهذه المناسبة بأسلوب يحمل بصمة التراث المغربي الأصيل. فقد ارتدوا الملابس التقليدية وامتطوا ظهور خيولهم متجهين نحو الأزقة القديمة للمدينة، مستمتعين بأجواء العيد وهم يرددون الأغاني الشعبية التي تخلد ذاكرة الهوية المغربية. ولقي هذا المشهد استحسان السكان الذين استقبلوهم بالتمر والحليب والحلويات تعبيرا عن كرم الضيافة وروح المشاركة في الاحتفال.
من جهة أخرى، يشكل عيد الأضحى لدى المغاربة بشكل عام وخصوصا لدى أهل فاس مناسبة ذات أبعاد ثقافية واجتماعية واقتصادية عميقة، وفق ما أوضح الأستاذ إدريس الصنهاجي، أستاذ علم الاجتماع بجامعة سيدي محمد بن عبد الله. حيث يحرص الناس على تمتين روابطهم الأسرية والتواصل مع أفراد العائلة خلال هذه المناسبة العزيزة التي تعكس قيم التضامن والمحبة.
وأكد الصنهاجي في حديثه أن سكان فاس يعتزون بشكل خاص بالعادات المرتبطة ب “العيد الكبير” والتي تحمل طابعا فريدا يعكس تاريخ المدينة وتقاليدها. على الرغم من اختلاف التفاصيل بين المناطق المغربية، إلا أن روح الوحدة والتلاقي تظل سمة مشتركة بين جميع المغاربة في هذه الأيام المباركة.
تعرف هذه الاحتفالات بالتجمعات العائلية التي تجمع بين الآباء والأبناء والأشقاء، حيث يسود جو من الفرح والتآلف، ويمتد هذا التواصل ليصل أحيانا إلى مسافات طويلة، إذ يسافر البعض لمسافات بعيدة ليشاركوا عائلاتهم فرحة العيد. وتعكس هذه الرحلات البعد الروحي والاجتماعي الكبير الذي يكتسيه عيد الأضحى في الثقافة المغربية.
إلى جانب ذلك، تكشف المظاهر الاحتفالية في فاس عن قدرة سكان المدينة على الجمع بين الأصالة والمعاصرة، حيث يحافظون على تقاليد الأجداد ويعيدون إحياءها بطرق تعبر عن حيويتهم وشغفهم بالتراث. فتلك الخيول والملابس التقليدية ليست مجرد رموز فقط، بل هي تعبير حي عن ارتباط الأفراد بماضيهم وتاريخهم.
في المجمل، يعبر عيد الأضحى في فاس عن أكثر من مجرد مناسبة دينية، فهو تلاقي بين الماضي والحاضر، وفرصة لاستعادة الروابط الأسرية والاجتماعية عبر تقاليد أصيلة تعزز الشعور بالانتماء والهوية الوطنية. وتبقى هذه الاحتفالات جسرا يربط بين الأجيال ويغذي الروح المغربية بروح الفرح والتلاحم.
1
2
3