تعد الفنانة المغربية سعيدة فكري واحدة من أبرز الأصوات النسائية في الساحة الفنية المغربية والعربية، إذ اشتهرت منذ بداياتها بأعمالها الغنائية التي تحمل رسائل اجتماعية وإنسانية عميقة. تنتمي فكري إلى فئة الفنانين الملتزمين، ممن يرون في الفن وسيلة للتعبير عن قضايا الشعوب وهمومهم، وقد كرست مسيرتها لإعلاء صوت الأغنية الجادة في زمن بات فيه هذا اللون الغنائي يواجه الإقصاء والتهميش.
وفي تصريحاتها الأخيرة، عبرت سعيدة فكري عن قلقها من وضع الأغنية الهادفة، مؤكدة أن هذا النوع من الفن لا يقصى فقط في المغرب، بل يواجه حربا صامتة في مختلف أنحاء العالم. وترى أن هناك توجها عالميا نحو تهميش الأغنية التي تحمل رسالة أو مضمونا يطرح الأسئلة، أو يسلط الضوء على الاختلالات الاجتماعية والسياسية، بينما يتم الترويج لأغان سطحية تسعى فقط إلى الترفيه، وتخدم توجهات لا تضع وعي الشعوب في الحسبان.
وأوضحت فكري أن هذا التهميش لا يأتي بمحض الصدفة، بل تقف خلفه قوى نافذة في المجالين الفني والإعلامي، تعتبر الأغنية الجادة تهديدا لمصالحها، لما تحمله من مضمون صادق يحاكي واقع المواطن البسيط. وأضافت أن هذه القوى تسعى إلى إفراغ الساحة من الأصوات الملتزمة، وتمنعها من الوصول إلى الجمهور، سواء عبر إقصائها من وسائل الإعلام أو من خلال حرمانها من المشاركة في التظاهرات والمهرجانات الفنية.
رغم هذه التحديات، لا تزال سعيدة فكري متمسكة بمسارها الفني، وتؤمن أن للفن رسالة تتجاوز حدود الشهرة والربح المادي. وتقول إن الفنان الحقيقي هو من يظل صادقا مع ذاته وجمهوره، ويختار أن يكون صوتا للناس لا صدى للموضة الفنية العابرة. كما تعبر عن أسفها لأن الكثير من الفنانين الجادين يقصون، فقط لأنهم اختاروا أن يظلوا أوفياء لقضايا مجتمعاتهم، في وقت يتم فيه الترويج لأعمال لا تحمل أي مضمون يذكر.
وتستمر فكري في تقديم أعمال تعكس هذا الالتزام، من بينها أغنيتها الأخيرة “عندي أمل”، التي تتناول مواضيع الأمل والتحدي في وجه الظروف الصعبة، وتأتي ضمن ألبوم يتضمن باقة من الأغاني الهادفة التي تسعى إلى تحفيز التفكير والتغيير. وقد نالت مؤخرا شهادة دكتورة فخرية من الأمانة العامة لحركة السلام في القارة الإفريقية، في اعتراف دولي بإسهاماتها في ترسيخ الفن الملتزم، وتمسكها بالقيم التي تجعل من الأغنية أداة للنهوض لا مجرد وسيلة ترفيه.
1
2
3