انطلقت فعاليات المعرض الدولي للنشر والكتاب في دورته الثلاثين، يوم الخميس، في العاصمة الرباط، وسط أجواء احتفالية متميزة، حيث ترأس حفل الافتتاح صاحب السمو الملكي الأمير مولاي رشيد بفضاء أو إل إم السويسي. ويأتي هذا الحدث الثقافي الكبير بتنظيم من وزارة الشباب والثقافة والتواصل، تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، ما يعكس الأهمية المتزايدة التي يحظى بها القطاع الثقافي في المغرب، والسعي المتواصل لترسيخ مكانته كمصدر للإشعاع والتواصل الحضاري.
1
2
3
وقد تميز هذا الموعد الثقافي بحدث لافت تمثل في قيام وزير الثقافة، السيد محمد المهدي بنسعيد، بتقديم هدية رمزية تحمل الكثير من الدلالات، إذ أهدى الشيخة بدور قفطانا مغربيا فخما، جرى تطريزه بعناية فائقة على يد صناع تقليديين مغاربة مهرة. ويأتي هذا الإهداء في إطار إبراز الهوية الثقافية المغربية العريقة، واحتفاء بروح التراث الوطني المتمثلة في القفطان، كرمز من رموز الفنون التقليدية التي تعكس ذوقا رفيعا وإبداعا مغربيا أصيلا.
وفي إطار برنامج المعرض الغني والمتنوع، قام صاحب السمو الملكي الأمير مولاي رشيد بجولة شملت عددا من الأروقة المتميزة، حيث كانت إمارة الشارقة في مقدمة المحطات التي زارها، نظرا لحلولها كضيف شرف على هذه الدورة. وتشكل هذه المشاركة تتويجا للعلاقات الأخوية والتاريخية التي تربط بين المملكة المغربية ودولة الإمارات العربية المتحدة، كما تهدف إلى تسليط الضوء على مكونات المشهد الثقافي الإماراتي وما يزخر به من تطورات وابتكارات معرفية وأدبية.
وامتدت زيارة الأمير مولاي رشيد لتشمل كذلك جناح دولة فلسطين، التي تحضر دوما بزخم ثقافي وإنساني متميز، بالإضافة إلى رواق وزارة الشباب والثقافة والتواصل المغربية، والرواق الخاص بالمعهد الفرنسي بالمغرب، ما يعكس التنوع الثقافي والانفتاح الذي يميز هذا الحدث. كما شملت الزيارة أروقة أخرى كالشركة الشريفة للتوزيع والصحافة (سوشبريس)، ودار الأمان، إلى جانب رواق “عالم السنافر”، الذي يستقطب جمهورا عريضا من الأطفال والعائلات، مما يضفي على المعرض أجواء عائلية حيوية.
ومن بين أبرز الأرقام المسجلة في هذه الدورة، مشاركة 756 عارضا من 51 بلدا، بينهم 292 عارضا مباشرا و464 عارضا بالوكالة، ما يعكس البعد الدولي لهذا الحدث الذي أضحى محطة رئيسية في الأجندة الثقافية المغربية والعربية. وقد تم تنظيم المعرض بشراكة مع جهة الرباط-سلا-القنيطرة، وولاية الجهة، مما يدل على انخراط المؤسسات الترابية في دعم الفعل الثقافي وتوفير شروط النجاح لهذه التظاهرة التي تجمع بين الكتاب والقراء، وبين الفكر والإبداع.
ويجسد المعرض الدولي للنشر والكتاب من خلال هذه الدورة الاستثنائية إرادة المملكة المغربية في تكريس الثقافة كأداة للتنمية، وكجسر للتواصل بين الشعوب، كما يعكس حرص صاحب الجلالة الملك محمد السادس على النهوض بالحقل الثقافي، وجعله مكونا أساسيا في بناء مجتمع المعرفة. ولعل إهداء القفطان المغربي في هذه المناسبة، يعزز هذا التوجه ويرسخ رمزية الهوية المغربية المتجددة والمنفتحة على الثقافات الأخرى، في انسجام تام مع الخصوصية الوطنية وروح العصر.
إن القفطان المغربي الذي تم تقديمه للشيخة بدور لم يكن فقط هدية احتفالية، بل جاء تعبيرا عن الاعتزاز بمنتوج مغربي أصيل ينتمي إلى التراث اللامادي، وعن تقدير لرموز الثقافة الخليجية المشاركة في هذه الدورة. وبهذا الإهداء، يؤكد وزير الثقافة على أهمية المحافظة على هذا الإرث، والترويج له دوليا، كجزء من استراتيجية ثقافية تسعى إلى تسويق الصورة الراقية للمغرب وفنونه في مختلف المحافل الدولية.