فيضانات آسفي تفتح ملف الإهمال وتفجر دعوات الجمعيات للمساءلة والمحاسبة

اعتبرت جمعية أطاك المغرب أن الفاجعة التي شهدتها مدينة آسفي، وأسفرت عن وفاة 37 شخصا بسبب فيضانات ناجمة عن تساقطات مطرية وجيزة لكنها قوية، تكشف بشكل صارخ عمق الأعطاب البنيوية التي راكمتها المدينة عبر سنوات طويلة من التهميش وسوء التدبير. وأكدت الجمعية أن حجم الخسائر البشرية لا يمكن فصله عن واقع الإهمال الذي يطال البنية التحتية والخدمات الأساسية.
وأوضحت الجمعية، في بيان لها، أن السياسات العمومية المتبعة اختارت توجيه المال العام نحو مشاريع استعراضية تفتقر إلى الجدوى الاجتماعية، مقابل إهمال الاستثمار في ما يضمن أمن السكان وكرامتهم. وأضافت أن التركيز على منشآت كبرى لا تمس الحاجيات اليومية للمواطنين، إلى جانب تفويت قطاعات حيوية، ساهم في توسيع دائرة الفساد واستنزاف الموارد.
وشدد البيان على أن ما حدث لا يمكن اختزاله في منطق القضاء والقدر، بل هو نتيجة مباشرة لاختيارات سياسية واقتصادية كرست التفاوتات، معتبرا أن تحقيق العدالة الاجتماعية يمر حتما عبر المساءلة والمحاسبة، وليس عبر التبرير أو الصمت.
كما نبهت الجمعية إلى أن تمويل هذه المشاريع غير المنتجة يتم في الغالب عبر اللجوء إلى المديونية، ما يرهن مستقبل البلاد ويثقل كاهل الأجيال المقبلة، ويعيد إنتاج التبعية بأشكال جديدة، دون أن ينعكس ذلك على تحسين ظروف عيش المواطنين.
وسجلت أطاك المغرب أن تجاهل نداءات الساكنة المتكررة بشأن تدهور شبكات الصرف الصحي والبنيات العمومية، واعتماد سياسة الانتظار إلى حدود وقوع الكارثة، ليس عجزا تقنيا ولا صدفة، بل خيارا سياسيا أدى إلى تفاقم الأوضاع وانفجارها في شكل مأساة إنسانية.
وأضافت أن مدينة آسفي، رغم احتضانها لمنشآت صناعية كبرى ومصادر ثروة وطنية مهمة، لا يستفيد سكانها من عائداتها، بل يدفعون ثمن التلوث والإهمال، في مفارقة صارخة بين ما تنتجه الأرض وما يعيشه الإنسان.
وفي ختام بيانها، طالبت الجمعية بفتح تحقيق فوري ومستقل في ملابسات هذه الفاجعة، مع ترتيب المسؤوليات ومحاسبة كل المتورطين في الإهمال أو الفساد، داعية إلى مراجعة شاملة لأولويات الدولة، بما يضع سلامة المواطنين وحقهم في الحياة في صدارة السياسات العمومية، ويضمن استثمارات حقيقية تخدم الصالح العام وتكفل العيش الكريم لساكنة آسفي.

1

2

3

فيضانات آسفي تفتح ملف الإهمال وتفجر دعوات الجمعيات للمساءلة والمحاسبة