يعد سعيد الناصري من أبرز المخرجين والممثلين المغاربة الذين جمعوا بين التجربة السينمائية والفكر النقدي، حيث استطاع على مدى مسيرته تقديم أعمال تتناول واقع المجتمع المغربي بعمق وحس فني. ويستعد الناصري هذه المرة للعودة إلى الشاشة الكبيرة بفيلمه الجديد “الشلاهبية”، الذي ينتمي إلى نوع الكوميديا السوداء ويطرح قضايا اجتماعية وسياسية بطريقة ساخرة تحمل رسائل مباشرة للمشاهد المغربي.
كشف الناصري في تصريح للصحافة أن فيلمه يتناول قصة مجموعة من الأشخاص الانتهازيين الذين يستغلون مناصبهم لخدمة مصالحهم الشخصية والتلاعب بالصفقات العمومية ونهب المال العام، مؤكدا أن الواقع الذي يعيشه المواطن يوميا يفوق ما يمكن أن يظهر على الشاشة، وأن ما يقدمه الفيلم يبقى تبسيطا لما يحدث في الحياة الواقعية.
وأوضح الناصري أن الهدف من العمل يتجاوز الفكاهة، حيث يسعى إلى نقد الواقع بشكل فني يثير التفكير، مسلطا الضوء على من يديرون الشأن المحلي بلا كفاءة، موضحا كيف يمكن أن تتحول المدينة بأكملها إذا تولى أمرها أشخاص نزهاء وملتزمون.
وأشار إلى أن “الشلاهبية” يربط بين السخرية والرسالة، مستلهما فكرته من الواقع السياسي المغربي، لاسيما فيما يتعلق بالانتخابات والوعود الكاذبة التي يطلقها بعض المرشحين لاستمالة الناخبين، مؤكدا أن العمل جاء متماشيا مع الدعوة الملكية للإصلاح والتغيير، ورسالة للمواطنين بضرورة الوعي عند اختيار ممثليهم وعدم الانصياع للشعارات الزائفة.
وأبرز الفيلم أيضا الجانب الاجتماعي من خلال تصوير حياة سكان الأحياء الشعبية الذين يعانون التهميش وخيبة الأمل بعد كل دورة انتخابية، حيث يكتشفون أن وعود المرشحين لم تكن سوى شعارات عابرة، وقد تم تقديم ذلك بأسلوب يمزج بين النقد اللاذع والطرافة، ما يجعل المشاهد يتفاعل مع الأحداث بطريقة عميقة وواقعية.
تم تصوير العمل في مواقع متعددة بمدينة الدار البيضاء، مع التركيز على منطقة درب السلطان التي تمثل فضاء حيويا للأحداث، وتجسد التناقضات الاجتماعية والسياسية للمجتمع المغربي. ويشارك في بطولة “الشلاهبية” نخبة من الفنانين المعروفين، من بينهم إلهام واعزيز، فاطمة وشاي، الصديق مكوار، محسن ناشط، ومصطفى أبو قاسم، إلى جانب مجموعة من وجوه الشباب الواعدة، لتقديم عمل يعكس رؤية الناصري في معالجة المواضيع الاجتماعية والسياسية بأسلوب تهكمي وساخر.
1
2
3