حسن الإبراهيمي يقدم شريط “أمرز” الذي يجمع بين الإنسان والطبيعة في سرد شاعري

أضاء المخرج المغربي هشام الإبراهيمي سماء السينما الوطنية بإطلاق شريطه الوثائقي الجديد “أمرز”، الذي بدأ رحلة عروضه بين المهرجانات والتظاهرات الثقافية الكبرى، محققا إعجاب النقاد والجمهور على حد سواء، وحظي بتنويه خاص من لجنة التحكيم لمزيجه الفريد بين الرؤية التوثيقية والبعد الشعوري.
يحكي الوثائقي قصة رجل مسن تجاوز التسعين، ينتمي إلى سلالة صيادين عاشوا على إيقاع البحر منذ أجيال، محتفظا بذاكرة غنية بالحكم وأسرار الصيد التقليدي، حيث يلتقي هذا الرجل بشاب دفعته ظروف الجفاف والفقر إلى ركوب البحر بحثا عن لقمة العيش، ليولد بينهما حوار صامت مليء بالتجارب الإنسانية والحكمة المكتسبة.
تتشكل بين المسن والشاب علاقة إنسانية عميقة، تعكس ما تبقى من حكمة الماضي وما يواجهه الحاضر من تحديات، فتظهر أهمية الصبر والتواضع وفهم قوانين الطبيعة التي تقود الحياة اليومية، كما تكشف الصلة بين التجربة القديمة والحماسة الشابة في مواجهة الواقع الصعب.
يمتاز “أمرز” بمشاهد بصرية آسرة تتناغم مع ضوء الغروب وهدوء الأمواج، تتخللها لحظات تأمل صامتة تحمل فلسفة الشخصيات وحوارات شفافة تكشف هشاشة الإنسان أمام الطبيعة وقوتها، مانحة المشاهد إحساسا بالحياة البحرية وبالانسجام بين الإنسان والبيئة التي يعيش فيها.
يركز الفيلم على مساءلة العلاقة بين الإنسان والبحر، ويسلط الضوء على المعارف التقليدية المهددة بالاندثار، مقدما دعوة صامتة للتأمل في قيم التواضع والعمل بانسجام مع الطبيعة، مع إبراز الإرث الثقافي والمعرفي الذي يتوارثه الصيادون عبر الأجيال، وما يشكله من رابط حي بين الماضي والحاضر.
أكد الإبراهيمي أن تصوير الشريط شكل محطة مليئة بالتجارب الإنسانية، إذ أتاح له اكتشاف مناطق خلابة وأشخاصا بسطاء يتسمون بالصدق والأصالة، وأضاف أن الشخصية الرئيسية ألهمته بدروس في الكفاح والتواضع وفهم المخاطر واحترام الطبيعة، مما جعل المشروع تجربة تحول مهمة في مساره المهني أكثر من كونه مجرد توثيق لحكاية محددة.
يشكل “أمرز” تتويجا لسنوات من الاهتمام بالإنسان والمكان، حيث نجح في نقل لحظات إنسانية حية إلى الشاشة بعين صادقة، محولا التفاصيل اليومية إلى رمزية وشاعرية تعكس جوهر التيمة الأساسية للفيلم، فيما اقترب المخرج من نماذج بشرية تعيش على تماس مباشر مع الطبيعة، مجسدة إرثا ثقافيا هشا يتلاشى مع الزمن.
استفاد الشريط من دعم المركز السينمائي المغربي ضمن فئة الأفلام المعنية بالثقافة الحسانية والمجال الصحراوي، ما أتاح للفريق إبراز خصوصيات المنطقة وعمقها البصري، بينما قامت الصحافية والكاتبة فاطمة الزهراء مهم بكتابة السيناريو بروح تجمع بين الدقة التوثيقية والسرد المتدرج، مانحة الشخصيات مساحة للتعبير عن ذاتها والتطور بتلقائية دون افتعال.

1

2

3

حسن الإبراهيمي يقدم شريط أمرز الذي يجمع بين الإنسان والطبيعة في سرد شاعري