تعد سناء عكرود من أبرز الوجوه الفنية المغربية التي جمعت بين التمثيل والإخراج والكتابة، واستطاعت أن تخلق لنفسها أسلوبا خاصا يجمع بين الجرأة والصدق الفني. فمنذ بداياتها، كانت عكرود تسعى إلى أن تجعل الفن وسيلة للتعبير عن هموم الناس وقضاياهم، وخاصة ما يتعلق بالمرأة المغربية ومعاناتها داخل المجتمع. وقد تميزت مسيرتها بتنوع التجارب التي خاضتها، سواء في السينما أو التلفزيون، لتثبت أنها فنانة صاحبة رؤية إنسانية وفكرية لا تنفصل عن الواقع.
كشفت سناء عكرود في تصريح للصحافة عن موقفها الصريح من العلاقة بين الفن والسياسة، موضحة أنها لا تمتلك المرونة التي تسمح لها بالتلون وفق المصالح أو المواقف المتغيرة، معتبرة أن الفنان الحقيقي هو من يبقى وفيا لقناعاته. وأكدت أن رفض إصلاح مدونة الأسرة يعني الدفاع عن استمرار الظلم ضد النساء، لأن من يعارض الإنصاف في رأيها يستفيد من واقع التمييز القائم. وأضافت أن رسالتها الفنية هي الدفاع عن قيم العدالة والمساواة داخل المجتمع المغربي.
وفي حديثها عن فيلمها الأخير “الوصايا”، أوضحت عكرود أن العمل استوحته من قصص حقيقية عاشتها نساء داخل قاعات المحاكم، وأنه تجربة فنية وإنسانية تعبر عن معاناة المطلقات وصراعات الحضانة والولاية، إضافة إلى تسليط الضوء على ظاهرة تزويج القاصرات والتمييز الاجتماعي والاقتصادي. وأبرزت أن الهدف من الفيلم هو فتح نقاش وطني حول الأمان القانوني للأسرة وحقوق المرأة في مجتمع يسير نحو التغيير.
وتابعت المخرجة أن الفن لا يمكن أن يظل صامتا في زمن التحولات الاجتماعية والقانونية، لأن دوره يتجاوز الترفيه إلى التوعية والمرافعة عن قيم العدالة. واعتبرت أن ما يميز مهرجان طنجة هو حضور المتخصصين في المجال السينمائي، مما يمنح التجربة عمقا فنيا ويجعل كل عرض فرصة للتفاعل مع الجمهور والنقاد بشكل مباشر، وهو ما يثري التجربة الإبداعية ويمنحها بعدا إنسانيا.
وردت عكرود على الانتقادات التي تتهمها بالتحريض على التمرد، مؤكدة أنها لا تدعو إلى الصراع بين الرجل والمرأة، بل إلى التوازن بين الحقوق والواجبات. وشددت على أن الاستقلال المادي والتعليم هما السبيلان الحقيقيان لتحرير المرأة من الاستغلال، موضحة أن رسالتها هي الدفاع عن الكرامة الإنسانية لا أكثر. كما أوضحت أن بعض الخطابات المحافظة لا تزال ترى في إنصاف المرأة تهديدا للأسرة، في حين أن الهدف من التعديلات القانونية هو ترسيخ العدالة الاجتماعية بين الطرفين.
أما بخصوص تمويل فيلم “الوصايا”، فقد أشارت إلى أنه تم بأقل دعم حصل عليه مشروع سينمائي في تاريخ المركز السينمائي المغربي، مما اضطرها إلى الاعتماد على تمويل ذاتي ومساندة محدودة من بعض الداعمين. وأعربت عن امتنانها لوزارة العدل ووزارة الشباب والثقافة والتواصل على التسهيلات والدعم المعنوي الذي مكنها من إخراج الفيلم إلى النور رغم الصعوبات المالية والإدارية.
ونفت سناء عكرود نيتها الانخراط في أي حزب سياسي، مبررة ذلك برغبتها في الحفاظ على استقلاليتها وحريتها الفكرية، مؤكدة أنها تفضل إيصال مواقفها من خلال الفن لا عبر العمل الحزبي. وأشارت إلى احترامها للفنانين الذين خاضوا التجربة السياسية مثل فاطمة خير وكليلة بونعيلات وياسين أحجام، معتبرة أن انخراطهم خيار شخصي نابع من رغبتهم في خدمة قضايا المجتمع.
وعن مشاريعها المقبلة، أوضحت عكرود أنها تميل في الوقت الحالي إلى التركيز على الكتابة والإنتاج الذاتي، لأنها ترغب في تقديم أعمال فنية تعكس رؤيتها الخاصة بعيدا عن هيمنة شركات الإنتاج التجارية. وأضافت أنها تعمل على تطوير مسلسلات جديدة ذات طابع تراثي وإنساني، آملة أن تجد طريقها إلى التنفيذ مستقبلا، لأن شغفها الحقيقي يكمن في تقديم فن يحمل رسالة ويجمع بين الأصالة والإبداع.
1
2
3