مراد حميمو يؤكد عمق اختياراته الفنية ويعبر عن قدرته على تقمص الشخصيات المركبة

مراد حميمو هو أحد أبرز الفنانين المغاربة الذين استطاعوا أن يتركوا بصمة قوية في الساحة الدرامية، بفضل موهبته الفطرية في تقمص الأدوار المعقدة والمتنوعة. انطلقت مسيرته الفنية منذ عدة سنوات في المسرح والسينما والتلفزيون، حيث برز بأسلوبه الدقيق وقدرته على التعبير عن الأحاسيس الداخلية للشخصيات التي يجسدها، ما جعله يحظى بثقة المخرجين وجمهور واسع من المتابعين.
كشف مراد حميمو في تصريح للصحافة عن سعادته بالمشاركة في أعمال درامية جديدة، مؤكدا أن التجربة تمثل محطة فنية مختلفة تتطلب منه الكثير من التركيز والتأمل في تفاصيل الشخصية التي يجسدها. وأوضح أن هذا الدور يمنحه فرصة لاختبار قدراته في الغوص داخل النفس البشرية، إذ تدور الأحداث حول شخصية غامضة تقتحم حياة مجموعة من الأشخاص لتقلب توازنهم الداخلي. كما عبر عن إعجابه برؤية المخرج التي تجمع بين الواقعية والرمزية في مشاهد مشحونة بالعواطف والتساؤلات.
تبنى قصة العمل على أجواء من الغموض والتشويق، حيث يتغير مجرى الأحداث بدخول شخص غريب لا يتكلم، لكنه يهز أركان المكان بصمته الثقيل. ينجح العمل في نقل المشاهد إلى عالم يختلط فيه الواقع بالخيال، حيث تتقاطع أسرار الماضي مع حاضر مليء بالتناقضات، لتتحول الحكاية إلى رحلة داخل النفس البشرية المليئة بالجراح والرموز. لا يكتفي العمل بطرح أحداث مثيرة، بل يتعمق في فهم الإنسان وتفاعله مع الخوف، والذكريات، والذنب، مما يمنحه بعدا فلسفيا وإنسانيا مميزا.
يضم العمل مجموعة من أبرز الأسماء التي تشكل نسيجا فنيا متوازنا، مثل هند السعديدي التي تقدم شخصية امرأة قوية تخفي هشاشتها، وحسناء مومني التي تؤدي دور امرأة تحمل جروحا نفسية من ماض مؤلم، وصوفيا بنكيران التي تضفي بحضورها لمسة من الغموض والذكاء. كما يشارك حميد باسكيط في دور الكاتب المثقف الذي يعيش صراعا داخليا، مانحا القصة بعدا إضافيا من العمق. هذا التنوع في الأداء يعزز القيمة الفنية للعمل ويخلق تفاعلا دراميا متماسكا بين الشخصيات.
اختار فريق العمل تصوير المشاهد في فضاءات طبيعية متعددة بين إفران وأزرو وضواحي الدار البيضاء، مما أضفى على المشاهد جمالية بصرية لافتة، وجعل الإطار المكاني جزءا من السرد الدرامي نفسه. يبلغ عدد الحلقات خمس عشرة حلقة، مدة كل منها اثنتان وخمسون دقيقة، وقد تولت شركة Disconnectd إنتاجها بتعاون فني وتقني يهدف إلى تقديم عمل بصري غني بالتفاصيل. وتتميز المشاهد بتوازن بين الإيقاع السريع والمشاعر المكثفة، ما يجعل كل حلقة مغامرة فنية قائمة بذاتها.
يشارك أيضا عدد من الوجوه المعروفة مثل وداد المنيعي، وكريم بولمال، ومنصور بدري، ورباب كويد، إضافة إلى حضور كل من عبد الإله رشيد والمطربة سعاد حسن وكمال حيمود، مما يمنح العمل طاقة فنية متنوعة ومتماسكة. ومع هذا التنوع، يظل أداء مراد حميمو نقطة ارتكاز تمنح القصة بعدا نفسيا عميقا، بفضل أسلوبه الهادئ وقدرته على التعبير بالصمت والحركة أكثر من الكلمات.
يتضح من خلال هذه التجربة أن مراد حميمو يواصل اختياراته الفنية بعناية، مؤمنا بأن الدراما ليست مجرد حكاية تروى، بل تجربة فكرية وإنسانية تعاش. ويبدو أن أعماله القادمة لن تكون مجرد مشاريع عابرة في مسيرته، بل خطوات جديدة تؤكد التزامه بفن راق يسعى إلى تحفيز المشاهد على التأمل في خبايا الذات والعلاقات الإنسانية، من خلال شخصيات تبدأ بالغموض لكنها تحمل رسائل عميقة دون الحاجة للكلمات.

1

2

3

مراد حميمو يؤكد عمق اختياراته الفنية ويعبر عن قدرته على تقمص الشخصيات المركبة