في خطوة سياسية بارزة، وجه الملك محمد السادس رسائل حاسمة إلى المسؤولين والفاعلين العموميين، مؤكدا أن التنمية ليست مجرد شعارات أو أرقام توضع في التقارير، بل هي انعكاس عملي يظهر في حياة المواطنين اليومية. وخلال افتتاح الدورة الخريفية للبرلمان، شدد على ضرورة الجدية والمسؤولية في العمل، داعيا إلى تجاوز البطء الإداري والبيروقراطية التي تعيق تنفيذ المشاريع التنموية في مختلف أرجاء المملكة.
1
2
3
وأكد الملك أن المواطن يجب أن يكون دائما المرجعية الأساسية عند وضع السياسات العمومية، مشيرا إلى أن قياس التنمية لا يكون بعدد المشاريع المعلنة، بل بمدى تأثيرها على حياة الناس في ميادين التعليم والصحة وفرص الشغل، إضافة إلى تقليص الفوارق بين المدن والمناطق القروية. وأضاف أن المشاريع التنموية يجب أن تتحول إلى واقع ملموس يرفع جودة الحياة اليومية لكل مواطن.
وفي خطاب يربط بين المسؤولية والنتائج، وجه الملك رسائل مباشرة إلى أعضاء البرلمان، مذكرا إياهم بأن دورهم لا يقتصر على التشريع والمصادقة، بل يشمل أيضا التواصل مع المواطنين وشرح السياسات العمومية بدل تركهم في حالة من الغموض وضعف الثقة. وأوضح أن الثقة الحقيقية تبنى على الإنجاز الميداني والالتزام بتحقيق النتائج، وليس من خلال وعود نظرية أو تصريحات إعلامية فقط.
كما ركز الملك على البعد الاستراتيجي للتنمية، مؤكدا ضرورة تسريع مسار “المغرب الصاعد” وفق رؤية عادلة ومتوازنة، تراعي احتياجات المناطق الهشة والجبال والواحات والسواحل. فهذه المناطق تمثل المعيار الحقيقي لنجاعة السياسات وفعاليتها، لأنها تظهر الوجه الاجتماعي للتنمية قبل أن تعكس أرقامها الاقتصادية، وتضع الإنسان في قلب الاهتمام التنموي بدل أن يكون مجرد رقم في الإحصائيات.
وبهذا الخطاب، أراد الملك أن يرسخ مفهوم أن الحكامة تقاس بالنتائج لا بالنوايا، وأن الكفاءة الحقيقية للمؤسسات تتجلى في قدرتها على التغيير وتحقيق أثر ملموس في المجتمع. فالهدف الأساسي اليوم لا يكمن في كمية المشاريع المعلنة، بل في شعور المواطن بحفظ كرامته، وإحساسه بقرب الدولة منه في الخدمات الأساسية، من التعليم إلى الصحة وفرص العمل.
وشدد الملك على أن المغرب الذي يطمح إليه هو مغرب الفعل والإنجاز، مغرب تتحقق فيه التنمية على أرض الواقع لجميع المواطنين في مختلف المناطق، حيث يتحول العمل السياسي إلى التزام عملي ومسؤولية حقيقية تعكس الجدية والتفاني في تحسين حياة الناس وتوفير فرص عادلة ومتساوية للجميع.