عبد النبي البنيوي يروي رحلته مع الفن ويشدد على ضرورة التطور المستمر

يعد عبد النبي البنيوي من أبرز وجوه الساحة الفنية المغربية، حيث استطاع من خلال تجاربه المتنوعة أن يبني لنفسه مسارا فنيا فريدا جمع فيه بين الإبداع الفني والالتزام برسالة ذات مغزى. لم يكن ظهوره مقتصرا على نوع واحد من الأدوار، بل اختار أن يخوض تجارب درامية وكوميدية مختلفة، ما جعله يثير اهتمام الجمهور المغربي الذي بات ينتظر مشاركاته بكل حماس وتقدير. تنقل بأريحية بين الشخصيات، وتمكن من ترسيخ اسمه بفضل طاقته التعبيرية وإيمانه بدور الفن في بناء الوعي المجتمعي.
من خلال مسيرته الطويلة، عبر البنيوي في عدد من اللقاءات عن امتنانه لما حققه من إنجازات، مؤكدا في الوقت نفسه على أن رحلته مع الفن لا تزال مليئة بالطموحات والرغبة في التجديد. كما أوضح أنه يرفض الوقوف عند نمط معين أو إعادة تقديم شخصيات سبق له أداؤها، لأن التجديد بالنسبة له ليس خيارا، بل ضرورة فنية لا غنى عنها. ويرجع سر استمراريته إلى وعيه بضرورة التفاعل مع التحولات التي يعرفها المشهد الفني المغربي، والسعي المستمر إلى الارتقاء بمستوى الأداء.
تميز عبد النبي البنيوي بأسلوبه المتقن وقدرته على تقمص الأدوار التي تتطلب عمقا إنسانيا وتفاعلا حقيقيا مع القضايا المجتمعية، حيث لم يكن أداؤه أداة للترفيه فحسب، بل أيضا وسيلة لطرح إشكالات اجتماعية تمس الواقع المغربي. فالمشاهد التي أبدى فيها جرأة ملحوظة لم تكن مجرد استعراض بل كانت نتاج قناعة بأن الفن يجب أن يصدم أحيانا ليوقظ المتلقي ويدفعه نحو التفكير. وبذلك، فإن اختياراته لم تكن اعتباطية، بل مدروسة ومبنية على رغبة صادقة في تقديم أعمال ذات أثر دائم.
يولي البنيوي أهمية كبيرة للبعد الرسالي في الفن، إذ يعتبره أداة فعالة لنقل مشاعر الناس وهمومهم، وإثارة النقاش حول قضايا قد لا تجد مساحة كافية في النقاش العام. هذا الإيمان يتجسد في اختياراته الفنية التي كثيرا ما تلامس هموم المجتمع وتسلط الضوء على الظواهر الاجتماعية بواقعية وجرأة. بالنسبة له، فإن الفنان يجب أن يكون مرآة تعكس الواقع بكل تجلياته، دون تجميل أو تزييف، وذلك من أجل إحداث التغيير الذي ينشده الجميع.
ويظهر جليا أن عشق عبد النبي البنيوي للفن يتجاوز كونه مهنة إلى كونه رسالة يحملها بروح مليئة بالحب والإصرار. فنجاحه في مختلف الأدوار يعكس هذا الانتماء الصادق إلى عالم الفن، كما أن حضوره المستمر في الإنتاجات المغربية يشير إلى وعيه العميق بقيمة العمل الإبداعي. لقد استطاع أن يكون قاعدة جماهيرية واسعة لا بفضل الشهرة وحدها، وإنما بفضل مصداقيته وحرصه على تقديم الأفضل في كل تجربة يخوضها.
ينظر عبد النبي البنيوي إلى المستقبل بعين الطموح، حيث يؤكد على أهمية المزج بين الموروث الثقافي المغربي وروح الحداثة في الأعمال الفنية المقبلة. ويعتبر أن الفنان الحقيقي هو من يظل منفتحا على التغيير، متحررا من التكرار، وساعيا دوما إلى تقديم رؤى جديدة تعبر عن التحولات التي يشهدها المجتمع. لهذا يرى أن الموهبة وحدها غير كافية، بل لا بد من التكوين المستمر والاجتهاد المتواصل من أجل مواكبة المسار الفني المتجدد باستمرار.

1

2

3

عبد النبي البنيوي يروي رحلته مع الفن ويشدد على ضرورة التطور المستمر