هشام العسري يكشف عن رؤيته للتحولات الفنية باقتحامه مجال التمثيل وتوظيفه للذكاء الاصطناعي

في تحول غير معهود لمساره المهني، قرر المخرج المغربي هشام العسري اقتحام مجال التمثيل، خطوة فنية تعكس رغبة عميقة في كسر المألوف وإعادة ترتيب الأدوار داخل المشهد السينمائي. وقد أعلن عن هذه المبادرة بأسلوب رمزي من خلال نشره لمقطع مصور على حسابه الرسمي بمنصة إنستغرام، ظهر فيه مجسدا لأحد الأدوار، مرفقا الفيديو برسالة صريحة يعبر فيها عن دافعه لخوض هذه التجربة، مشيرا إلى تزايد توجه الممثلين نحو الإخراج، وهو ما أثار لديه تساؤلات حول المسارات الفنية والحدود الفاصلة بينها.
وقد أبان هشام العسري من خلال تدوينته عن موقف نقدي تجاه التحولات التي تشهدها الساحة الفنية، متسائلا عن مستقبل المخرجين في ظل انتقال عدد من الوجوه التمثيلية إلى الإخراج. فاختار بدوره التوجه في الاتجاه المعاكس، متحديا المألوف بتجسيد شخصية ممثل شاب طموح، مؤكدا بذلك على إيمانه بضرورة إعادة التوازن داخل المنظومة الفنية. وتأتي هذه الخطوة انسجاما مع مسيرته التي لطالما تميزت بالجرأة والتجريب والرغبة في زعزعة السكون الإبداعي.
وموازاة مع دخوله عالم التمثيل، لا يزال العسري مستمرا في تطوير أدواته الإخراجية، حيث عمد إلى توظيف الذكاء الاصطناعي في أحدث إنتاجاته الفنية تحت عنوان “منال”. ويعتبر استخدام تقنية التزييف العميق في هذا المشروع نقلة نوعية، تتيح له إعادة صياغة ملامح الشخصيات وتعديل أصواتها، ما يمنحه آفاقا أوسع في نسج حبكاته البصرية والسمعية. هذه التجربة التكنولوجية تبرز حرصه على دمج الابتكار الرقمي بالتعبير السينمائي المعاصر.
يعكس مشروع “منال” رهانه على التكنولوجيا باعتبارها عنصرا مكملا للخيال الفني، حيث تبدو رغبته واضحة في اختراق حدود التقليد عبر بناء عوالم تخيلية متجددة. وقد سمحت له هذه الوسائل الحديثة بإعادة بناء أساليبه السردية، مع المحافظة على لمسته الخاصة التي تجمع بين الواقعية الرمزية والنقد الاجتماعي. فالعسري يسعى عبر هذه المقاربة إلى منح السينما المغربية أبعادا جديدة تتجاوز المألوف نحو تجارب أكثر عمقا ودهشة.
ولم يكتف العسري بتوسيع أدواته الفنية، بل يبدو أيضا أنه يطمح إلى إعادة صياغة موقعه داخل المشهد الإبداعي، جامعا بين التمثيل والإخراج في ثنائية تؤكد تنوع اهتماماته وتعدد زواياه في فهم الواقع الفني. فهو يدرك أن التحول لا يكون دائما بالانسحاب أو التراجع، بل بالمبادرة والدخول في مناطق غير مطروقة بحثا عن تجارب تغني الذات والمجال معا.
بهذه الرؤية المتقدمة، يكرس هشام العسري مفهوم الفنان الشامل الذي لا يركن إلى دور واحد ولا يرضى بتكرار ما أنجز، بل يواصل التجريب والبحث من أجل صناعة فنية مغربية تتجدد باستمرار. وقد تكون هذه الخطوات بداية لمرحلة جديدة يسهم فيها بفتح آفاق جديدة أمام الإبداع المحلي، من خلال الجمع بين الحضور الشخصي والتقنيات المعاصرة التي تعيد صياغة العلاقة بين الفن والتكنولوجيا.

1

2

3

هشام العسري يكشف عن رؤيته للتحولات الفنية باقتحامه مجال التمثيل وتوظيفه للذكاء الاصطناعي