في لحظة فنية مميزة شهدها المهرجان الدولي للسينما المستقلة بالدار البيضاء، تمكن الممثل المغربي نبيل المنصوري من نيل جائزة أحسن دور رجالي عن أدائه المميز في فيلم “التدريب الأخير”، الذي أخرجه ياسين فنان. وقد شكّل هذا التتويج تتويجاً جديداً في مسيرة فنان أثبت نفسه بقوة على الساحة الفنية المغربية، خاصة بعد بروزه في الموسم الرمضاني الماضي ضمن أحداث المسلسل الدرامي “الدم المشروك”، الذي عُرض على القناة الثانية، حيث تقمص شخصية “حمد الفراقشي” وحقق بها نجاحاً لافتا وجماهيرية واسعة.
1
2
3
ومن خلال هذا العمل السينمائي الجديد، يدخل نبيل المنصوري عالم السينما المستقلة من أوسع أبوابه، مجسداً دوراً مركباً ومعقداً يتمحور حول مخرج مسرحي يعيش صراعاً داخلياً أثناء تدريبه لفرقة فنية على تقديم مسرحية “الخادمات” الشهيرة للكاتب الفرنسي جون جينيه. وتتعمق أحداث الفيلم شيئاً فشيئاً مع بداية تناول هذا المخرج لمضادات الاكتئاب، وهو ما يؤدي إلى اضطرابات نفسية وعاطفية تضغط عليه مع اقتراب موعد العرض الذي من المنتظر أن يحضره منتج معروف ومدير ثقافي من السفارة الفرنسية، ما يزيد من حدة التوتر والانفعال في كواليس التحضير.
وقد كتب نص الفيلم نفسه الفنان نبيل المنصوري، الذي لم يقتصر على التمثيل فقط، بل ساهم أيضاً في صياغة تفاصيل السيناريو، مما يبرز موهبته المتعددة. وشارك إلى جانبه في البطولة كل من الممثلة جميلة الهوني، والفنانة حسناء طمطاوي، بالإضافة إلى الممثل القدير عبد الإله عاجل، في توليفة تمثيلية منسجمة تميزت بأداء متكامل زاد من قوة الفيلم الدرامية. أما على مستوى الإنتاج، فقد تولت شركة Morocco Films Makers مهمة إنتاج العمل، تحت إشراف المنتج نادر فيجاج، مع إدارة تصوير للمبدع عادل أيوب، الذي ساهمت لمساته الفنية في نقل الحالة النفسية للأبطال بشكل بصري قوي ومؤثر.
ويُعد فيلم “التدريب الأخير” محطة جديدة ضمن سلسلة من الأعمال التي وقع عليها المخرج ياسين فنان، المعروف بقدرته على تسليط الضوء على أعماق الشخصيات وتفكيك المشاعر الإنسانية بأسلوب سينمائي جريء. ويُذكر أن هذا المخرج سبق أن قدم مجموعة من المسلسلات الناجحة، من بينها “غدر الزمان” سنة 2023، و”أولاد الدرب” سنة 2022، و”شمس العشية” سنة 2021، إضافة إلى مسلسل “الوجه الآخر” سنة 2018، حيث ترك كل عمل منها بصمة مميزة في الساحة الفنية الوطنية.
وقد شكل فيلم “كريان بوليود”، الذي أخرجه سنة 2014، أول تجربة له في مجال الأفلام الروائية الطويلة، حيث نال هذا العمل حينها إعجاب لجان التحكيم في عدة مهرجانات، مثل مهرجان طنجة، ومهرجان مالمو للسينما العربية، وكذلك مهرجان جنيف السينمائي، مما مهد الطريق له للاستمرار في تقديم أعمال سينمائية مستقلة تطرح قضايا نفسية وإنسانية عميقة.
إن فوز نبيل المنصوري بجائزة أحسن دور رجالي عن هذا الفيلم لا يمكن فصله عن تطوره الملحوظ كممثل، وكذلك عن اختياراته الفنية الجريئة، إذ أصبح يقدم أدواراً تمزج بين الأداء الدرامي القوي والانغماس الكامل في الشخصيات. كما أن مساهمته في كتابة السيناريو تجعل من تجربته في “التدريب الأخير” تجربة استثنائية، إذ يلتقي فيها الإبداع التمثيلي مع الإبداع الكتابي، ما يعزز من حضوره داخل الساحة السينمائية المستقلة ويؤكد أنه يسير بخطى ثابتة نحو مزيد من التميز والتألق.